Page 174 - merit 39 feb 2022
P. 174
العـدد 38 172
فبراير ٢٠٢2 المثال ،فقد أخبرني عالم
اجتماع مصري مشهور
وهو النعت الإسلامي الذي أن تحية قد برزت أي ًضا أن تحية كانت على صلة
ُيطلق على النساء الكهلات كواحدة من قادة نقابة وثيقة بالحزب الشيوعي في
اللواتي حججن إلى م َّكة، ممثِّلي السينما ومخرجيها الأربعينيات والخمسينيات.
وما ع َّزز هذه التسمية لم ومص ِّوريها ،وهي نقابة كانت تلك ،كما قال« ،فترة
متق ِّدمة كثي ًرا من الناحية تج ُّذر الراقصات الشرقيَّات».
يقتصر على مظهر تحية السياسيَّة وشديدة الجهر وفي عام 1988علم ُت أنها
الوقور إلى أبعد الحدود بل بآرائها .فما هي إ ًذا حقيقة كانت في أثينا مع مجموعة
تع َّداه إلى صور م َّكة الكثيرة هذه الراقصة التي بلغت
المعلَّقة على الجدار والمصحف الآن الخامسة والسبعين من الفنانين والمثقفين
من عمرها والتي تبوأت المصريين والعرب الذين
الذي تسهل رؤيته على موق ًعا رفي ًعا يكاد أن يكون عزموا على ركوب «سفينة
الطاولة القريبة .وإذ جلسنا مؤسساتيًّا في ثقافة مرحلة العودة» في رحلة إياب رمز َّية
ما بعد السادات في مصر إلى الأراضي المقدسة .وبعد
نتجاذب أطراف الحديث، أواخر القرن العشرين؟
راحت حياتها تم ُّر أمامنا في لقد ضرب ُت موع ًدا مع أسبوعين من الحظوظ
تحية من خلال صديقتها العاثرة المتوالية ف َّجرت
استعرا ٍض مهيب. نبيهة لطفي مخرجة الأفلام المخابرات الإسرائيليَّة السر َّية
فهي تنحدر من عائلة من التسجيلية .فإذا بها تعيش في ذلك القارب وت َّم التخ ِّل عن
الإسماعيليَّة لها با ٌع طويل في شقة صغيرة على بعد شار ٍع المشروع .وسمعت بعد ذلك
السياسة ،واسمها الحقيقي من المكان الذي رأيتها ترقص
هو تحية محمد كريم .وكان فيه منذ أربعين عا ًما.
البريطان ُّيون قد قتلوا ع َّمها، ور َّحبت بي وبنبيهة
كما حمل ثلاثة على الأقل من ب ُنب ٍل مهيب لم أتوقعه.
أفراد عائلتها اسم نضال، كانت ترتدي ثو ًبا أسود
كما قالت تحية بافتخار. قات ًما ،وتضع ماكيا ًجا
أما أبوها فقد اع ُتقل لبعض حسنًا ،لكنها كانت
الوقت .وبدا في تحية شي ٌء ُتغظي ذراعيها وساقيها
من طرطوف وهي تصف بكمين طويلين وجوربين
مشاعرها حيال الرقص غامقين مثل أ ِّي مسلمة
-قالت إ ِّنها تح ُّس كأ َّنها في تقية .كانت أق َّل ضخامة
معبد -غير أن ذلك تب َّدد م َّما رأيتها في السابق،
وهي تحكي عن قناعاتها بأن ولم يب ُد عليها أ ُّي ابتذال.
رقصها كان يتخ َّطى إثارة ولقد أوحت بثق ٍل وسلطة
الرجال كما تفعل بعض ينبعان من كونها أكثر
الفنانات ،وقالت باقتناع بكثير من مج َّرد راقصة
مطلق« :حياتي ،كراقصة، سابقة .لعلَّها أسطورة حيَّة،
كانت حلوة ،وأنا أح ُّبها». أو حكي ٌم شهير :العالمة
شبه المتقاعدة .وراحت
ولقد ع َّدت تحية نفسها نبيهة تناديها بـ»الحاجة»
-مح ّقة ،كما أرى -جز ًءا
من نهضة ثقافية كبرى ،من
حركة إحياء وطني في الفنون
قامت على حركة سعد زغلول
الاستقلالية الليبرالية وثورته