Page 175 - merit 39 feb 2022
P. 175

‫‪173‬‬            ‫الملف الثقـافي‬

‫نجيب الريحاني‬  ‫فايز حلاوة‬          ‫عبد العزيز محمود‬                  ‫في العام ‪ ،1919‬حيث ض َّمت‬
                                                                      ‫الوجوه الفنيَّة لهذه النهضة‬
                ‫حكومتهم»‪.‬‬            ‫«أفضل منا»‪ .‬وهذا التبرير‬
  ‫كان الحديث مع هذه المرأة‬         ‫غير المُقنع لما واصل ُت اعتباره‬      ‫ُكتا ًبا مثل نجيب محفوظ‪،‬‬
   ‫المسنَّة الجليلة أم ًرا ُمبهجا‬                                   ‫وتوفيق الحكيم‪ ،‬وطه حسين‪،‬‬
                                       ‫مسرحية انتهازية مؤيدة‬
    ‫بالنسبة لشخ ٍص ترعرع‬            ‫للسادات ساق تحية إلى نقد‬              ‫ومغنيين مثل أم كلثوم‬
 ‫على الأفلام المصرية دون أن‬         ‫عنيف لزوجها السابق‪ ،‬فايز‬         ‫وعبد الوهاب‪ ،‬وممثلين مثل‬
                                    ‫حلاوة‪ ،‬الذي جرجرها‪ ،‬كما‬           ‫سليمان نجيب والريحاني‪.‬‬
   ‫يعرف الكثير عن خلفيتها‪،‬‬           ‫قالت‪ ،‬من كارثة إلى أخرى‪.‬‬        ‫وكانت تحية الفتاة الصغيرة‬
 ‫ومثَّل له رقص تحية ذكرى‬           ‫وسألتني‪« :‬ما الذي يجعلني‪،‬‬
 ‫غنية لم يسبق أن استكشفها‬            ‫برأيك‪ ،‬أعيش هنا وليس في‬               ‫قد تعلَّمت الرقص على‬
  ‫بما فيه الكفاية‪ .‬ولقد كانت‬        ‫بيتي؟ لقد أخذه بكل ما فيه‪،‬‬         ‫يدي بديعة مصابني‪ ،‬التي‬
                                   ‫بما في ذلك صوري وأفلامي‪،‬‬
   ‫تحية مصدر معلومات في‬                                                  ‫نصحتها بأ َّل تتس َّكع في‬
   ‫عدد هائل من الموضوعات‬                ‫ولم يترك لي أي شيء»‪.‬‬        ‫النوادي الليليَّة والبارات حين‬
   ‫تحدثت عنها جمي ًعا بدف ٍء‬         ‫وسرعان ما عادت الحيوية‬
   ‫وظرف‪ ،‬وسخرية شديدة‬                                                  ‫تنتهي من تقديم وصلتها‪.‬‬
    ‫الجاذبيَّة‪ .‬وفي لحظة قطع‬            ‫لتح َّل محل المراثي حين‬        ‫وأضافت تحية بحزن أنها‬
  ‫حديثها أذان العشاء ُمنبعثًا‬      ‫سألتها عن الولايات المتحدة‪،‬‬          ‫وجدت صعوبة كبيرة في‬
 ‫من مئذنة جام ٍع قريب هدا ًرا‬      ‫التي سبق لها أن زارتها عد ًدا‬        ‫استعمال الصنوج‪ ،‬لكنها‬
                                    ‫من المرات‪ .‬وكانت في إحدى‬            ‫أفلحت في ذلك آخر الأمر‬
      ‫يش ُّق الأذن‪ .‬وفي الحال‬                                           ‫بفضل بديعة‪ ،‬المرأة التي‬
    ‫صمتت تحية‪ ،‬وأغمضت‬                   ‫هذه الزيارات قد قطعت‬         ‫يأتي ذكرها على لسان تحية‬
‫عينيها‪ ،‬وم َّدت يديها براحتيها‬        ‫أمريكا بالسيارة‪ ،‬في رحلة‬          ‫مقرونا بالحب والتبجيل‪.‬‬
  ‫المفتوحتين‪ ،‬وراحت ُترافق‬         ‫قالت إنها رائعة‪« .‬لقد أحبب ُت‬
     ‫المؤذن في تلاوة الآيات‪.‬‬         ‫الناس‪ ،‬لكنَّني أكره سياسة‬               ‫ومع مجيء الشاي‬
                                                                         ‫والبسكويت طلب ُت منها‬
                                                                         ‫أن تحكي لنا عن حياتها‬
                                                                        ‫السياسية‪ .‬وكان ما قالته‬
                                                                     ‫مفاجئًا بالنسبة لي‪ ،‬إذ علم ُت‬
                                                                        ‫لأول مرة أنها كانت على‬
                                                                        ‫الدوام منتمية إلى اليسار‬
                                                                      ‫الوطني (حيث سجنها عبد‬
                                                                    ‫الناصر في الخمسينيات‪ ،‬كما‬
                                                                      ‫قالت‪ ،‬لانتسابها إلى عصبة‬
                                                                     ‫السلام‪ ،‬وهي منظمة موالية‬
                                                                       ‫لموسكو)‪ ،‬وأنها تستصغر‬
                                                                      ‫شأن قادة مصر الحاليين‪.‬‬
                                                                         ‫وسألتها عن يحيا الوفد‬
                                                                     ‫الشنيعة‪ .‬فقالت لقد ُنظر إلى‬
                                                                     ‫المسرحية على أنها ساداتية‪،‬‬
                                                                       ‫إلا أنها اعتبرتها مسرحية‬
                                                                          ‫عن استعداد المصريين‬
                                                                     ‫الدائم للاعتقاد بأ َّن الأجانب‬
   170   171   172   173   174   175   176   177   178   179   180