Page 180 - merit 39 feb 2022
P. 180

‫العـدد ‪38‬‬                            ‫‪178‬‬

                                  ‫فبراير ‪٢٠٢2‬‬                     ‫حدث ما في وقت معين دون‬
                                                                          ‫استخدام الكلمات»‪.‬‬
‫وبالعين‪ ،‬وبالحاجب والمنكب‪،‬‬               ‫الصوت المسموع‪ ،‬أي‬
‫إذا تباعد الشخصان‪ ،‬والثوب‬            ‫الجانب المادي البحت منه‪،‬‬        ‫إن كل الأشكال الحركية‬
                                     ‫ولكنه هو (الأثر النفسي)‬               ‫ما هي إلا علامات‬
   ‫والسيف والسوط‪ ،‬فيكون‬             ‫الذي يتركه فينا‪ ،‬أو بعبارة‬
 ‫ذلك زاج ًرا‪ ،‬ومان ًعا وطار ًدا‪،‬‬     ‫أخرى التصور الذي تنقله‬          ‫حركية معروفة معانيها‪،‬‬
                                    ‫حواسنا للصوت‪ .‬وبالتالي‪:‬‬          ‫ومتفق عليها بين مؤديها‬
     ‫ويكون وعي ًدا وتحذي ًرا‪.‬‬        ‫فالصورة السمعية صورة‬         ‫ومشاهديها‪ ،‬وهذه العلامات‬
  ‫والإشارة واللفظ شريكان‬              ‫حسية‪ .‬وتقترن الصورة‬             ‫ما هي إلا صور بصرية‬
   ‫ونعم العون هي له‪ ،‬ونعم‬             ‫السمعية الحسية بأثيرها‬         ‫مخزنة داخل ذهن الفرد‪.‬‬
‫الترجمان هي عنه‪ ،‬وما أكثر‬         ‫النفسي مع الصورة البصرية‬         ‫فهي سيميائيات تفيد معا ٍن‬
‫ما تنوب عن اللفظ وما تغنى‬          ‫المترجمة من خلال العين في‬          ‫متفق عليها ضمنيًّا لدى‬
‫عن الخط‪ ..‬ولولا الإشارة لم‬           ‫الرقص الشعبي وتأثيرها‬       ‫المجتمع‪ .‬حيث إنه كلما انطبع‬
  ‫يتفاهم الناس معنى خاص‬           ‫النفسي على المؤدي والمشاهد‪.‬‬        ‫كم من التصورات داخل‬
                                      ‫ولقد كان للجاحظ السبق‬        ‫العقل البشرى‪ ،‬ازداد الفرد‬
                 ‫الخاص”‪.‬‬                                         ‫معرفة‪ .‬إن كل ما نراه أمامنا‬
       ‫وعند تحليل الأشكال‬              ‫في التنويه لعلم الحركة‪،‬‬
   ‫الحركية للرقص الشعبي‬             ‫حيث شرح في كتاب البيان‬             ‫من أشياء تتجرد داخل‬
 ‫نجد أنها تتكون من خطوات‬                                         ‫عقولنا على شكل صور ُتحفظ‬
    ‫حركية في حد ذاتها هي‪:‬‬              ‫والتبيين في باب البيان‪،‬‬
        ‫علامات = دلالات ‪+‬‬            ‫إذ يقول «وجميع أصناف‬             ‫في أذهاننا‪ ،‬ونسترجعها‬
                                       ‫الدلالات على المعاني من‬   ‫عندما نود الحديث عنها مرة‬
                 ‫مدلولات‪.‬‬           ‫لفظ خمسة أشياء لا تنقص‬
      ‫ومن هنا يتضح لنا أن‬             ‫ولا تزيد‪ :‬أولها اللفظ‪ ،‬ثم‬    ‫أخرى‪ .‬إن هذه الصور هي‬
    ‫الدال في الرقص الشعبي‬          ‫الإشارة‪ ،‬ثم العقد‪ ،‬ثم الحال‬      ‫علامات تفيد المعنى منها‪.‬‬
  ‫هو الحركة التي تتقابل مع‬            ‫التي تسمى نصبة‪ ..‬فأما‬           ‫أما ما لا نعرفه لا يوجد‬
  ‫مدلول داخل الذهن فتؤدى‬             ‫الإشارة فباليد‪ ،‬وبالرأس‪،‬‬        ‫له صورة داخل أذهاننا‪،‬‬
  ‫إلى المعنى المؤثر في النفس‪.‬‬                                     ‫وبالتبعية لا توجد له علامة‪.‬‬
 ‫وكلما أنتجت الحركة علامة‬                                            ‫ونجد وضوح هذا المعنى‬
  ‫واضحة‪ ،‬أثرت على النفس‪.‬‬                                             ‫أي ًضا في التعبير الحركي‬
‫وما خطوات الرقص الشعبي‬
‫إلا صور مخزنة لأحداث إما‬                                                 ‫‪-‬لغة الجسد‪ ،-‬حيث‬
  ‫ثابتة أو متحركة قد حدثت‬                                             ‫حركات الرأس والأيدي‬
  ‫في حياة الجماعة الشعبية‪،‬‬                                           ‫والأرجل من ِقبل المرسل‬
    ‫تسترجعها دو ًما لتعيش‬                                              ‫(المؤدي) أثناء الرقص‬
  ‫اللحظة التي استمتعت بها‬                                            ‫الشعبي مما يفيد أشكا ًل‬
     ‫أثناء حدوث الحدث‪ ،‬أو‬                                             ‫تعبيرية حركية يفسرها‬
  ‫لتأكيد حدوث الحدث ذاته‪،‬‬                                             ‫عقل المستقبل (المشاهد)‬
     ‫أو لسادية ما في النفس‬                                            ‫لمعنى متفق عليه ضمنيًّا‬
   ‫البشرية‪ ،‬وفي هذه الحالة‬                                         ‫ومعروف في المجتمع‪ .‬ولأن‬
    ‫الأخيرة نجد أن المجتمع‬                                             ‫العلامة لا تقارن شيئًا‬
      ‫يفرض على الفرد أذية‬                                         ‫باسم‪ ،‬وإنما تقارن مفهومها‬
  ‫نفسه أو الغير لإثبات مدى‬                                         ‫بصورة سمعية‪ ،‬والمقصود‬
     ‫ارتباطه بمجتمعه‪ ،‬مثال‬                                            ‫بالصورة السمعية ليس‬
   175   176   177   178   179   180   181   182   183   184   185