Page 185 - merit 39 feb 2022
P. 185
183 الملف الثقـافي
صلاح أبو سيف سليمان نجيب بيرم التونسي من تجربة حياتها المُ َّرة
والبهيجة والعاصفة .قد
ولا تفعل ذلك إلا في كثير تحرص الفنانة على تأكيده
من البطء والتثاقل ،إلى أن باستمرار فيما يتعلق يكون للإطالة في سرد
التحديات التي تعرضت
تصادف وجودها أمام بتجاربها الزوجية ،ورغم لها الطفلة «بدوية» أسبابها
مرآة حجرة النوم ،عندها أن دور المحقق أو صائد الوجيهة ،منذ ولادتها لأب
انتبهت «تحية» لجسدها، الأسرار أو المحلل النفسي
رأت نفسها للمرة الأولى لا يبدو ملائ ًما لكاتب هذه تاجر غني ومزواج لم
السطور ،إلا أن هذا المعنى يعتن بحملها على ذراعيه
وهي ترقص في المرآة لا يبدو مخفيًّا أو دفينًا إلى وهي رضيعة ،وأهملها مع
لنفسها .حركاتها الهادئة درجة تضطرني إلى تقمص أمها التي كانت تصغره
المحنكة بدت لها شبيهة أدوار كتلك ،فالمعنى الفريد في العمر بعشرات السنين
في حياة «فنانة الشرق» قبل أن يتوفى سري ًعا ،وما
بعض الشيء بحركات مخبَّأ في أظهر مكان يم ِّكن لاقته من تعذيب نفسي
«المحترفات» اللائي راقبتهن الك َّل من رؤيته ،إنما لا وجسدي من قبل أخيها
يتعرف عليه -وربما لا من الأب وقادها للتمرد
في أفراح الجيران ولم يعترف به غالبًا -كثيرون. عليه والهرب لعالم الرقص
يعجبها رقصهن ،لكنه كان الساحر ،وصو ًل لمواقف
في نظرها أبرع وأحفل بما الرقص /السحر عنادها المنتصر ضد رغبة
النفيس الملك اللعوب «فاروق الأول»
لا يضاهى برقصهن .في -ملك مصر والسودان -في
هذه اللحظة تحول إكراهها ظلت الطفلة «بدوية» تقاوم ضمها لحريمه ،ثم وقائع
تلبية إلحاح زوجة شقيقها تمردها الدائم على سلطان
على الرقص بالأمر إلى
شغف مشبوب بمعناه على تسليتها بالرقص، قادة وملوك ورؤساء
الغامض ،وراحت تواصل جمهوريات ،ومن قبل
الرقص بعي ًدا عن زوجة ذلك طريقها المحفوف
الأخ المتسلطة ،وعندما بالمشقة والمتاعب إلى مقعد
التتويج على عرش الرقص
والتمثيل ،تلك السير تبدو
كما لو كانت تخص حزمة
من النساء وليست لامرأة
واحدة ،لا تكفي الكتب
لتوثيق جوانبها وأبعادها
المتداخلة ،لكنها تظهر كذلك
كما لو كانت تخفي وراء
تشابكها معنًى عمي ًقا ،معنى
لم يتبينه الكثيرون ممن
م ُّروا بحياة «تحية» مرور
الكرام أو مرور اللئام ،هذه
المجهولية في المعنى كانت