Page 188 - merit 39 feb 2022
P. 188

‫العـدد ‪38‬‬         ‫‪186‬‬

                                                            ‫فبراير ‪٢٠٢2‬‬       ‫وكما كان تمردها في‬
                                                                              ‫الواقع مبنيًّا على مبدأ‬
  ‫التحررية‪ ،‬رم ًزا مخي ًفا‬       ‫لم يكن مفرو ًضا على‬                          ‫استقلالها الشخصي‬
‫في نظر غيره‪ ،‬كما كانت‬          ‫«كاريوكا» تحدي نظرة‬                           ‫وغرامها العارم بالفن‪،‬‬
                              ‫المجتمع المصري المتدنية‬                      ‫كان تمردها في السياسة‬
  ‫أفكاره مخيفة في نظر‬         ‫للفن وقيمة الفنان فقط‪،‬‬                      ‫مبنيًّا على مبدأ الاستقلال‬
  ‫نبلاء الأسرة الحاكمة‬                                                      ‫الوطني وغرامها العارم‬
 ‫التي ينتمي إليها‪ ،‬وبكل‬           ‫وهي نظرة جوهرها‬                             ‫بمصر‪ .‬كانت السلطة‬
  ‫تأكيد بسبب أفكارهما‬            ‫التعامل مع الراقصة‬                       ‫التي واجهتها في الحالتين‬
   ‫المشتركة في مناهضة‬            ‫كـ»عالمة» ومع الممثل‬                    ‫متقاربة أو متوحدة‪ ،‬سلطة‬
 ‫الاحتلال‪ .‬لذلك يدعوها‬      ‫كـ»مشخصاتي»‪ ،‬إنما كان‬                             ‫الأخ الأكبر كما تظهر‬
    ‫الأمير لصحبته كلما‬         ‫عليها أي ًضا تحدي كتلة‬                      ‫اجتماعيًّا ودينيًّا في هيئة‬
                                ‫من العوامل المتضافرة‬                          ‫أخيها «أحمد»‪ ،‬ونفس‬
    ‫لاحت فرصة دعاها‬           ‫في كل المجالات على بقاء‬                        ‫السلطة كما ظهرت لها‬
 ‫الأمير‪ ،‬في إحدى الليالي‬    ‫مصر قيد التخلف‪ ،‬رازحة‬                          ‫سياسيًّا وطبقيًّا في هيئة‬
 ‫أمسك يدها فجأة شاب‬         ‫تحت وطأة استبداد ملكي‬                           ‫مليكها «فاروق»‪ ،‬سلطة‬
                               ‫وفساد حزبي واحتلال‬                              ‫الذكر الظافر المهيمن‬
   ‫كان يجلس إلى مائدة‬                                                    ‫بغرائز تسلطه في اصطياد‬
  ‫مرت عليها في طريقها‬                         ‫أجنبي‪.‬‬                          ‫فريسة كسيرة مقد ًما‬
                                ‫الأمير «عباس حلمي»‬                           ‫وضمها لجناح حريمه‬
    ‫لمائدة الأمير‪ ،‬دعاها‬     ‫من الأسرة العلوية المالكة‬                   ‫الخاص‪ .‬في الحالتين كانت‬
 ‫الشاب «يا بنت» وطلب‬              ‫ومؤسس أول حزب‬                            ‫الفنانة باسلة وبارعة في‬
 ‫منها «مجالسته»‪ ،‬ردت‬            ‫للع َّمال في مصر‪ ،‬كان‬                        ‫تحدي السلطتين لائذة‬
  ‫عليه «تحية» بطريقتها‬          ‫يك ُّن للراقصة العظيمة‬                     ‫في كل مرة بسطوة فنها‬
  ‫الفصيحة‪« :‬البنت دي‬            ‫مشاعر تقدير فياضة‪،‬‬                         ‫المتمرد‪ ،‬غير أن تجاربها‬
‫تبقى أمك مش أنا أوعى‬           ‫كان يمكن لـ»تحية» في‬                         ‫المتنوعة في السياسة لا‬
‫إيدك قطع إيدك»! الشاب‬       ‫بواكير مسيرتها الفنية أن‬                     ‫تسمح باختصارها في بعد‬
‫كان الأمير «عكا حسن»‬          ‫تمثل رم ًزا تحرر ًّيا قريبًا‬                 ‫واحد‪ ،‬كانت «تحية» من‬
  ‫وأمه البرنسيس «عين‬        ‫لحد بعيد من أفكار الأمير‬                       ‫الفنانين الذين يشعرون‬
  ‫الحياة»‪ ،‬رفع يده على‬                                                   ‫بحتمية أن يكون لهم دور‬
 ‫الفور ليصفعها‪ ،‬ورنت‬                                                       ‫سياسي لا يكتمل معنى‬
                                                                          ‫الفن بدونه‪ ،‬قد يكون هذا‬
‫شباب امرأة‬                                                                  ‫الشعور من وحي تمرد‬
                                                                              ‫الطفلة المبكر على ظلم‬
                                                                         ‫اجتماعي مفرط في قسوته‪،‬‬
                                                                         ‫قد يكون من وحي اللحظة‬
                                                                            ‫التاريخية التي عاشتها‬
                                                                             ‫كفنانة متحررة في بلد‬
                                                                          ‫أسير يمور بالثورة‪ .‬بذلك‬
   183   184   185   186   187   188   189   190   191   192   193