Page 173 - merit 39 feb 2022
P. 173
لقد ع َّدت تحية نفسها -مح ّقة ،كما أرى-
جز ًءا من نهضة ثقافية كبرى ،من حركة
إحياء وطني في الفنون قامت على حركة
سعد زغلول الاستقلالية الليبرالية وثورته
في العام ،1919حيث ض َّمت الوجوه
الفنَّية لهذه النهضة ُكتا ًبا مثل نجيب
محفوظ ،وتوفيق الحكيم ،وطه حسين،
ومغنيين مثل أم كلثوم وعبد الوهاب،
وممثلين مثل سليمان نجيب والريحاني.
النكات القصيرة ،وأضيق ال ُف َّطن لمُخططاتهم .وقد بدأت محمد عبد الوهاب
التوريات وأسهلها ،بأسلو ٍب المسرحيَّة حوالي الساعة
التاسعة والنصف ،لكنِّي عشرين سنة ،وقيل لي إن
رخيص لا يكاد أن يكون خبطة القاهرة المسرحيَّة
أه ًل للمشاهدة ،ك ُّل ذلك في لم أستطع التح ُّمل أكثر من
ساعتين ونصف الساعة (أي التي فاقت كل خبطة أخرى
خدمة ما بدا على أ َّنه أردأ النصف) من هزلها الأحمق. في عرضها المستمر هي من
أنواع السياسات الانتهاز َّية بطولة تحيَّة كاريوكا وآخر
الموالية للسادات ،والمعادية لقد ش َّكل ما آلت إليه تحية أزواجها ،فايز حلاوة ،الذي
خيبة كبيرة بالنسبة لي. قام أي ًضا بكتابة المسرحية،
لعبد الناصر .كانت تلك كانت ُتؤ ِّدي دور الفلاحة يحيا الوفد .وفي الليلة الثانية
مرحلة راحت فيها السياسة لوصولي إلى القاهرة ،ذهبت
الأشد زعي ًقا وفظاظة ،والتي إلى سينما ميامي القديمة،
المصر َّية تحاول إرضاء أ َّجرت كبشها الفحل ليقوم التي غدت الآن مسر ًحا في
هنري كيسنجرُ ،متخلية بالتعشير والإلقاح (مع قد ٍر الهواء الطلق ،وك ِّل حماس
عن التزاماتها التقدميَّة، كبير من النكات السمجة عن وتر ُّقب لأن أستعيد في هذه
والعربيَّة ،والعالمثالثيَّة التي الفحولة الجنسيَّة) .غير أ َّن ما
طبعت تاريخها بعد 1954 فاجأني وأذهلني هو مظهر الفرصة النادرة شيئًا من
تحت حكم عبد الناصر. تحية وأسلوبها .فلقد غابت شبابي الذي كاد أن ُيدفن.
ولقد أحزنني أن أرى تحيَّة المُغرية السمراء الضاربة إلى كانت المسرحيَّة هزلية شديدة
وزوجها الصغير المهزول الصفرة ،والراقصة الرشيقة الطول والابتذال عن جماعة
متورطين في شيء هكذا.
خلال الأربعة عشر عا ًما بالغة الأناقة بإيماءاتها من القرويين المصريين
التي تلت تلك الزيارة إلى المُؤ َّداة على النحو الأكمل. الذين ُفرض عليهم وفد من
مصر ،كان ثمة نتف وأجزاء وتح َّولت إلى قبضاي ُمتبجح الخبراء الزراعيِّين السوفييت.
من المعلومات التي أضفت يزن 220رط ًل ،وكانت وقد َع َرضت المسرحيَّة بلا
تقف ،ويداها على وركيها، هوادة سماجة هؤلاء الروس
مزي ًدا من التعقيد على وتك ُّر الشتائم ،وتقذف بأغلظ وصرامتهم (كان السادات قد
صورة تحية .وعلى سبيل طرد جميع الخبراء الروس
في عام )1972وراحت
تتغنَّى بفضح المصريين