Page 205 - merit 39 feb 2022
P. 205

‫‪203‬‬  ‫الملف الثقـافي‬

 ‫صراحة ويتركه مكشو ًفا‪،‬‬         ‫اضطهاد التنحيف إلى حد‬         ‫ليونة وقدرة على الانسياب‬
  ‫بل يخايل العين بالكشف‬       ‫الغياب من أجل التعبير عن‬          ‫والتداعي الحر‪ .‬وكما في‬
 ‫والإخفاء مع تغير الحركة‬
  ‫وأحيا ًنا مع تغير الضوء؛‬             ‫أفكار من خارجه‪.‬‬        ‫الكتابة وكل الفنون‪ ،‬تكون‬
‫فتوفر متعة إيروتيكية تعلو‬          ‫ولو تسنى لنا أن نقرأ‬        ‫القدرة على إخفاء الصنعة‬
                                 ‫سي ًرا صريحة لراقصات‬         ‫أحد أسباب تميز الراقصة‪.‬‬
   ‫على الجنس‪ ،‬مثلما يعلو‬         ‫باليه لطالعنا تاري ًخا من‬
  ‫الشعر على اللغة العادية‪.‬‬      ‫الحرمان؛ كيف اضطررن‬                ‫وتقترب الراقصة من‬
  ‫ويهدف الكشف الخاطف‬          ‫للتخلي مجبرات عن الأكلات‬        ‫هدفها عندما تدرك ما يميز‬
                              ‫التي يفضلنها وعن التدخين‬       ‫الرقص الشرقي بوصفه فنًّا‬
    ‫عن الجسد إلى السماح‬          ‫والسهر وكثير من المتع‬       ‫للدعة والرفاه الموجب لنعمة‬
‫بمراقبة المهارة في الحركة‪،‬‬         ‫التي لن تجد الراقصة‬
                              ‫الشرقية نفسها مجبرة على‬                          ‫الكسل‪.‬‬
     ‫لأنها حركة داخلية لا‬                                      ‫في الرقص الشرقي مجاز‬
   ‫تبدو بسهولة من خلال‬                      ‫التخلي عنها‪.‬‬        ‫يخفي معاني أبعد‪ .‬يمكن‬
  ‫الأطراف‪ ،‬كما في الرقص‬         ‫للملابس نصيبها في لعبة‬
                               ‫المجاز التي يلعبها الرقص‬          ‫النظر إلى تثنِّي الراقصة‬
                ‫التعبيري‪.‬‬                                      ‫باعتباره مماثلة مع الحية‬
    ‫وربما تأخذنا الأصول‬           ‫الشرقي‪ .‬زي الراقصة‬
    ‫الأولى لعري الجسد في‬       ‫التقليدي لا يعرض الجسد‬             ‫التي تتلوى وتوسوس‬
   ‫الرقص إلى تفسير أكثر‬                                           ‫لتخرج الرجل من جنة‬
‫عم ًقا يتعلق بفلسفة التجرد‬                     ‫تحية كاريوكا‬      ‫اطمئنانه‪ ،‬أو في تماثلها‬
     ‫من المخيط في طقوس‬                        ‫وسامية جمال‬         ‫مع مراوغة الدنيا التي‬
 ‫العبادة‪ ،‬كحالة من حالات‬                                        ‫لا تقترب إلا لتبتعد‪ ،‬ولا‬
                                                                 ‫تشرف على الاكتمال إلا‬
         ‫الارتداد للأصل‪.‬‬                                       ‫لتقع في النقص‪ ،‬وقد نرى‬
‫ولا ينفصل المجاز في الزي‬                                        ‫معنى البحث عن الجسد‬
‫عن مجاز الحركة‪ ،‬ما يرفع‬                                         ‫الأخر المرغوب‪ .‬الراقصة‬
                                                             ‫تمثيل لمعنى الأنوثة؛ الضلع‬
     ‫الرقص الشرقي عاليًا‬                                      ‫القلق الذي يحن للعودة إلى‬
‫فوق إثارة عروض التعري‬                                            ‫مكانه من صدر الرجل‪.‬‬
 ‫«الاستربتيز» وسطحيتها‬                                            ‫سعي يبدأ ناع ًما بطيئًا‬
                                                                ‫ويتدرج في تصاعد يشبه‬
    ‫ودون اضطهاد للجسد‬                                          ‫التصعيد الجنسي وصو ًل‬
     ‫إلى حد الغياب كما في‬                                          ‫إلى الاتحاد الكامل أو‬
‫عروض الباليه‪ ،‬وإنما واع ًدا‬
 ‫بطيف المتعة عبر كثير من‬                                                       ‫الذروة‪.‬‬
   ‫الطرق الجانبية والكثير‬                                       ‫ولا يمكن فصل الرقص‬
‫من الوعود وحيل التأجيل‪،‬‬
    ‫مرتف ًعا بالمتعة اللحظية‬                                     ‫الشرقي عن النظرة إلى‬
   ‫شديدة الضيق وسريعة‬                                        ‫الجسد كجوهر للذات وليس‬
‫الزوال إلى رحابة وديمومة‬
     ‫«المؤانسة» وهي كلمة‬                                          ‫بيتًا للروح ودلي ًل على‬
‫تشبة «الطرب» في صعوبة‬                                            ‫وجودها؛ فهو يقوم على‬
                                                                 ‫حضور الجسد الواقعي‬
                ‫تفسيرها‬                                       ‫بكل رفاهيته وليس الجسد‬

                                                                    ‫الخادم الرازح تحت‬
   200   201   202   203   204   205   206   207   208   209   210