Page 210 - merit 39 feb 2022
P. 210

‫العـدد ‪38‬‬                                             ‫‪208‬‬

                                                              ‫فبراير ‪٢٠٢2‬‬

   ‫عصور الرق والجواري‪،‬‬       ‫«الرقص هو الشعر الخاص‬            ‫فجر الرقص الشرقي‪ ..‬الرقصة التي واكبت العالم‬  ‫شذى يحيى‬
‫خارجة على أعراف وتقاليد‬      ‫الذي تنظمه أقدامنا»‬
  ‫الحشمة‪ ،‬فاسدة ومفسدة‬       ‫(جون درايدن)‬
                             ‫«أرقص كما لو لم يكن أحد‬
     ‫مرشحة دائمة كخ َّرابة‬   ‫يراقبك»‬
  ‫للبيوت العامرة والأخلاق‬    ‫(مارك توين)‬
   ‫الشريفة‪ ،‬يلفظها المجتمع‬
‫الحر الشريف الذي يزدري‬          ‫في كتابه «المرأة ليست‬

     ‫مهنتها المنبوذة وتنفر‬      ‫لعبة الرجل» كتب المفكر‬
   ‫منها البيوتات المحترمة‪،‬‬        ‫المعدود تقدميًّا ج ًّدا في‬
  ‫وتأبى التعامل معها‪ ،‬ولا‬
  ‫يخفف من هذه النظرة أن‬       ‫عصره وأحد أعمدة الثقافة‬
   ‫راقصات كثيرات ‪-‬يأتي‬         ‫المصرية المعاصرة الكاتب‬
‫على رأسهن بديعة مصابني‬
   ‫وتحية كاريوكا وسامية‬           ‫الكبير سلامة موسى؛‬
   ‫جمال‪ ..‬إلخ‪ -‬قد أسدين‬          ‫واص ًفا الرقص الشرقي‬
                              ‫بأنه «شناعة من الشناعات‬
     ‫لمجتمعهن‪ ،‬في مجالات‬      ‫حتى اضطرت الحكومة إلى‬
   ‫الفن والثقافة والخدمات‬     ‫إلغائه‪ ،‬إذ لم تكن الراقصة‬
   ‫الاجتماعية والعمل العام‬       ‫تمثل الشهوة الجنسية‪،‬‬
 ‫وتمثيل وطنهن في المحافل‬        ‫وكانت تمثلها في إسراف‬
 ‫الدولية كمبدعات مقدرات؛‬
   ‫الكثير‪ ،‬ولا أي ًضا أن كل‬        ‫وقح‪ ،‬ومن هنا كانت‬
‫طفلة وفتاة وامرأة في بلدنا‬       ‫نظرتها وهي ترقص إلى‬
   ‫رقصت يو ًما في مناسبة‬       ‫أسفل كي تبرز محاسنها‪،‬‬
‫سعيدة‪ ،‬ما يدل على أنه فعل‬       ‫بل مقابحها السفلى»‪ .‬ولا‬
  ‫إنساني وثقافي متجذر في‬       ‫تخرج كتابات موسى عن‬
   ‫حضارتنا ووجداننا منذ‬      ‫الرقص في عمومها ‪-‬ويتفق‬
‫ألوف السنين‪ ،‬حتى سلامة‬          ‫معه أغلب الكتاب العرب‬
  ‫موسى نفسه لم يملك إلا‬
  ‫أن يعجب بتحية كاريوكا‪،‬‬           ‫والمصريين‪ -‬عن هذه‬
   ‫الراقصة‪ ،‬ويستثنيها من‬       ‫الرؤية‪ ،‬بل ربما لم يجمع‬
 ‫تصنيفه للرقص الشرقي‪،‬‬        ‫مثقفو العربية على رأي مثل‬
                               ‫إجماعهم على الحكم العام‬
      ‫بل أن يقول صراحة‪:‬‬        ‫بأنه مكروه على الإطلاق‪،‬‬
 ‫«جعلتني ألقبه بالاحترام»‪.‬‬      ‫لأنه على حد ذكر موسى‬
 ‫ورغم ممارسته في المحافل‬     ‫«قد انحط وسفل حتى صار‬

  ‫الخاصة حتى يومنا هذا‪،‬‬          ‫حركات جنسية يشمئز‬
   ‫فإن الرقص الشرقي ما‬        ‫منها الرجل السامي والمرأة‬
‫زال ُيعتبر وصمة ومخالفة‬
‫للعرف في مجتمعه‪ ،‬رغم أن‬                      ‫السامية»‪.‬‬
  ‫الدعوات تتصاعد من كل‬        ‫فعل تمارسه امرأة متمردة‬

                                    ‫على القيم والأخلاق‪،‬‬
                                     ‫متوحشة قادمة من‬
   205   206   207   208   209   210   211   212   213   214   215