Page 75 - merit 39 feb 2022
P. 75

‫‪73‬‬  ‫إبداع ومبدعون‬

    ‫القصــة في ليبيا‬

    ‫«لم يتم تجاوز أي شيء منها ‪-‬كتبت في مقالها‪-‬‬
      ‫نحن لسنا سوى سلاحف على طريق لا نهائية‪.‬‬
 ‫خلال الحكم الجماهيري الديكتاتوري‪ ،‬وجد ْت قائمة‬
    ‫للأسماء المرفوضة ضمن الجهاز الإداري للدولة‪،‬‬
‫ظل ْت تزداد طو ًل كل يوم وهو ما كان لا بد أن يتوقف‬
   ‫مع حدوث ثورة شعبية تطالب بمزيد من الحريات‬
‫الشخصية‪ ،‬منها حرية اختيار الاسم من دون مراقبة‬
    ‫من قبل لجان أصولية‪ .‬هذا الفعل الأمني‪« :‬سلوك‬
    ‫ديستوبي» مثلما يحدث في تلك الدولة الشمولية‪:‬‬

                                ‫كوريا الشمالية»‪.‬‬
   ‫سمع ْت عن وجود «أنواع محددة» من جهة الدولة‬

     ‫الإلهية لقصات شعر تمثل الأخلاقيات التي على‬
  ‫كل كوري شمالي أن يتحلى بها‪ ،‬تما ًما مثل الأسماء‬
  ‫الموافقة للأخلاق في نظر اللجان الليبية ذات الجذور‬
  ‫القومية‪ .‬الأخلاقيات الليبية‪ .‬ما هي تلك الأخلاقيات‪،‬‬
 ‫الصامدة في زمن انتصر ْت فيه الثورة على كل شيء‪.‬‬
   ‫خلال قناة إخبارية من تلفاز أحد الجيران‪ ،‬أمكنها‬
   ‫سماع «خبر اجتياح» مدينة ليبية من قبل الليبيين‪،‬‬
   ‫هناك خلل أخلاقي‪ .‬تذكر ْت ما سمعته من حقوقي‬

     ‫غاضب‪« :‬الثورة الليبية ليس ْت إلا «حرا ًكا كبي ًرا»‬
‫لتأسيس مزيد من الديكتاتوريات الشعبية المتحركة»‪.‬‬

    ‫ما الذي قد يعنيه أحدهم بالديكتاتوريات الشعبية‬
   ‫المتحركة؟ كان ْت منهكة تما ًما كأنها ظل ْت واقفة على‬

                     ‫قدميها الرائعتين‪ ،‬لقرن كامل‪.‬‬
       ‫راحتها الوحيدة المتوفرة هي في تلك الزيارات‬
     ‫الخاطفة‪ ،‬إلى شقة جارتها سعاد أو أن تستقبلها‬
 ‫عندها‪ ،‬سعاد في منتصف العشرينيات‪ ،‬لديها ابنتين‪،‬‬
  ‫زوجها يعمل مهند ًسا نفطيًّا‪ ،‬لكنه يعاني اضطرابات‬
  ‫في الشخصية بسبب تبدل الأحداث السياسية‪ ،‬فهو‬
 ‫لم يقدر على تفهم ما يحدث من حوله‪ ،‬من انفجارات‪،‬‬
   ‫تحرك جيوش‪ ،‬اغتيالات وحروب رهيبة‪ ،‬فقد وجد‬
  ‫نفسه لمرتين محاص ًرا من «قوات أجنبية» في محيط‬
  ‫عمله المتاخم للصحراء‪ ،‬قلق رهيب يسيطر عليه ولم‬
  ‫يعد مثلما كان من قبل‪ ،‬صار أقرب لمجنون منه إلى‬
 ‫شخص عاقل‪ ،‬يظل يتحدث‪ ،‬بحسب كلام زوجته عن‬
  ‫الاضطهاد الذي تعرض له في طفولته‪ ،‬وبدأ ْت تنتابه‬
‫«حالات ايمانية غريبة» حتى أنه فكر جد ًّيا في الخروج‬
  ‫مع مجموعة من الدعاة من أجل إرشاد الغافلين إلى‬
     ‫الدين القويم‪ ،‬تنامى لديه هذا الولع الديني‪ ،‬فالله‬
   70   71   72   73   74   75   76   77   78   79   80