Page 109 - merit 40 apr 2022
P. 109

‫‪107‬‬  ‫إبداع ومبدعون‬

     ‫قصــة‬

                  ‫كيف سيجعل الكوابيس أحلا ًما؟‬        ‫أدخل إلى النوم أخرج من النوم‪ ،‬المكان الوحيد الذي‬
  ‫إنها الرواية التي في رأسه منذ سنوات طويلة ولم‬
‫يجرؤ على كتابتها‪ .‬ملأ الحكاية بالحكايات بتفاصيل‬       ‫تشعر فيه أ َّن حياتها لها طعم ولون‪ .‬لم تكترث‬
  ‫تسمح بها طبيعة المحادثات بغرابات تقارب عوالم‬        ‫بتذ ُّكر مناماتها أو تدوينها أو رويها‪ ،‬ما يهم أنها‬

                                       ‫الأحلام‪.‬‬       ‫تراها غزيرة متنوعة‪ .‬لكن منذ أسبوعين ساء‬
 ‫امتدت مكالماتهما أسابيع‪ .‬من الساعة التاسعة لي ًل‬
                                                      ‫وتدهور كل شيء في حياتها‪ ،‬فلم تعد ترى أحلا ًما‬
    ‫حتى التاسعة والنصف وأحيا ًنا إلى العاشرة‪ .‬لم‬      ‫عندما تدخل إلى النوم‪ ،‬إلى بيتها الجميل كما تسميه‪.‬‬
 ‫يتخ َّل عن الارتجال لكنه كان يح ِّضر للمكالمة كأنها‬
                                                      ‫ج َّرب ْت كل شيء‪ ،‬قرأت وبحثت كثي ًرا‪ ،‬لم يخطر لها‬
   ‫واجب مدرسي‪ ،‬يكتب الهيكل الأساسي للقصة‪/‬‬             ‫تضطر أن تسأل‬        ‫أ َّنها ستلجأ يو ًما إلى آخرين‪ ،‬أن‬
 ‫الحلم ويزخرف الحواشي بالتفاصيل‪ .‬ومع هذا ما‬            ‫علَّها تجد ح ًّل‪.‬‬  ‫متخصصين وغير متخصصين‬
                                                      ‫لكن كل ذلك لم يج ِد نف ًعا‪ .‬ومع هذا كانت تستجدي‬
   ‫زال قل ًقا على الرغم من أن ناديا تبدي له حماسة‬     ‫تلك القوى التي اخترعت لها أسماء لربما تعود لها‬
       ‫وتشجي ًعا‪ ،‬فقط دوامها على الاتصال أشعره‬
                                      ‫بالارتياح‪.‬‬      ‫مناماتها‪ ..‬أحلامها وحياتها‪ .‬تريد بجنون أن ترى‬
                                            ‫‪-3‬‬
                                                      ‫شيئًا ولو حتى أسوأ كوابيس الدنيا‪ .‬صديقتي ناديا‬
‫رن الهاتف في نفس الموعد‪ ،‬لكن هذه المرة كانت ريم‬
                                          ‫أخته‪.‬‬       ‫تحتاج إلى مساعدة‪ ،‬وأظن أنك قادر أن تخرجها من‬

   ‫‪ -‬أخي قلت لك‪ :‬أنت مذهل‪ ،‬لقد أنقذت صديقتي‪.‬‬                              ‫كآبتها‪.‬‬
  ‫تعال غ ًدا‪ ،‬لقد طبخت لك ما تحبه‪ .‬كما أن صهرك‬
                                                      ‫وأنا من اقترح عليها أن تتصل بك‪ .‬أعرف أنك لم‬
                      ‫والأولاد مشتاقون لرؤيتك‪.‬‬
                                            ‫‪-4‬‬        ‫تعد تكتب منذ زمن طويل‪ .‬لكن كيف أنسى أن‬

‫في اليوم التالي ذهب إلى بيت أخته‪ ،‬هو الذي لم يزره‬     ‫الفصل الأجمل من طفولتي هو حكاياتك‪ .‬فاعذرني‬
             ‫أحد ولم يزر أح ًدا منذ أكثر من سنة‪.‬‬      ‫أخي إن كذبت قلي ًل عندما قلت لناديا إنك ترى‬

       ‫أخبرته أخته السعيدة ج ًّدا بقدومه‪ :‬إن ناديا‬    ‫أحلا ًما مدهشة‪ ،‬والأهم أنك تتذكرها بكل تفاصيلها‬
  ‫استعادت عافيتها وإنها على أحسن ما يرام‪ .‬وهي‬         ‫ويمكنك مشاركتها ما تراه ريثما هي تستعيد‬
 ‫ممتنة ج ًّدا له ولأحلامه وحكاياته‪ ،‬وأضافت‪ :‬شك ًرا‬
   ‫لخيالك‪ .‬فقد كانت تخبرني ناديا بما كن َت ترويه‬      ‫قدرتها على الحلم‪ .‬أن تستعيد ذاك العالم المفقود‪.‬‬
  ‫لها‪ .‬حتى أن غبطتي لا تقل عن غبطتها إ ْن لم تكن‬
                                                      ‫أعرف أنك قادر على اجتراح القصص مط َّعمة‬
                                          ‫أكثر‪.‬‬                           ‫بخيالك العجيب»‪.‬‬
                                            ‫‪-5‬‬
                                                                          ‫‪-2‬‬
            ‫اتصلت ريم بصديقتها ناديا لتشكرها‪.‬‬
‫‪ -‬يبدو أن خطتنا نجحت‪ ،‬وأخي تحرر من كوابيسه‬            ‫في الحقيقة لم يوافق على اقتراح أخته على الفور‪،‬‬

    ‫ومن كآباته‪ ،‬كان عندنا في البيت وكأنه شخص‬          ‫قال‪ :‬دعيني أفكر بالمسألة‪ .‬فأنت تعرفين أنني‬
‫آخر‪ .‬وقد أخبرني أنه عاد إلى الكتابة وأنجز الرواية‬
                                                      ‫أرتعب من النوم خشية من الكوابيس‪ .‬أنا على‬
              ‫التي كان ُيس ِمعك إياها على التلفون‪.‬‬
 ‫‪ -‬إنها فكرتك يا ريم‪ .‬محظوظ أخوك أن لديه أختًا‬        ‫نقيض من صديقتك‪ .‬ثم إن مزاجي العكر قد يجعل‬
   ‫مثلك‪ .‬وأظن أنه ينبغي ألا يعلم‪ ،‬ليبق السر بيننا‪.‬‬
‫ههه‪ .‬أخشى أن الدور تلبسني‪ ،‬وأعترف أني أشتاق‬                               ‫الأمور أكثر سو ًءا‪.‬‬
  ‫إلى مزيد من حكاياته‪ ،‬ولم أكن أرغب في أن تنتهي‬        ‫خط َر له (كيف يمكنني أن أساعد! لم أتخيل أب ًدا‬
                                                      ‫أن أكون في موضع كهذا)‪ .‬ف َّكر أنه من الصعب أن‬
                                     ‫(التمثيلية)‪.‬‬
                                                                          ‫يكون شهرزاد صديقة أخته‪.‬‬
                                                      ‫غير أنه في التاسعة لي ًل تل َّقى مهاتفة‪.‬‬

                                                                          ‫مساء الخير‪ ،‬أنا ناديا‪.‬‬
                                                      ‫أه ًل‪ .‬ثم ومن دون مقدمات وبقليل من اللعثمة‬

                                                      ‫والارتباك انخرط في اللعبة وشرع بالكلام‪.‬‬

                                                      ‫هل اتصالها في اليوم التالي فاجأه! ليس تما ًما‪ .‬هل‬
                                                                                  ‫هو في ورطة؟ نعم‪.‬‬
   104   105   106   107   108   109   110   111   112   113   114