Page 112 - merit 40 apr 2022
P. 112
العـدد 40 110
أبريل ٢٠٢2
سعيد إسماعيل
(الأهواز)
نيرا ٌن على حاف ِة الهور
دقات قلبه .أراد أن يختبئ بالأحراش والزور الممتد التفت يمنة ويسرة ،وجال ببصره المكان بدقة.
على جانب ْي الطريق المعبد حديثًا .غير أن لا مناص كان من السهل تجاوز الأسلاك المزروعة حول
له من حاسة شم الكلب ،كان يعلم جي ًدا ،لا محالة الحديقة ،بيد أن الخوف الوحيد الذي اعتراه كان
سيشمه ،وسيشم البطيخة التي صارت ملتصقة من كلب الحراسة الذي لا يشبه كلابهم السائبة
بصدره الآن أكثر من ذي قبل ،تثقل عليه وتمنعه في القرية .التفت مرات أخرىَ ،ش َّكل دشداشته
من الركض طلي ًقا .لم يركض مثل أيامه السابقة، بسرعة ومرر جسمه الضئيل من بين الأسلاك ،ثم
هذه المرة ،يحمل معه خطيئته الكبرى ،الخطيئة التي َت َد ْح َلب نحو بطيخ الش َّمام .لم يعهد قلبه الخفقان
بتلك الشدة قبل تلك اللحظة .قطف أقرب بطيخة
أثقلته. تناولتها يده ها ًّما بالرجوع .ذلك كان كل ما يصبو
جلس ْت قبالة أمها شاردة الذهن ،تترقب الطريق إليه .رنا للخروج من الفجوة التي أحدثها حين
بوج ٍل طفولي ،تسمع الإيقاع ولا تنتبه أو تجاري دخوله ،توقف فجأة؛ أوقفه للحظة نباح الكلب ،غير
أن الثواني التي استوقفته هي التي حثته ليسرع
أغنية أمها: بالخروج .علقت دشداشته بنتوءات الأسلاك ،لم
(استوي استوي يا غانمة يكن يسعه الوقت لتخليص دشداشته البالية؛ نتلها
ريت أمهاتك سالمة مرة فانشقت.
استوي استوي يا غانمة انطلق بأقصى سرعته محتضنًا البطيخة الصغيرة
ريت أمهاتك سالمة بيده اليمنى ،بينما النباح الذي أخافه راح يمتزج
أخضنك على ِرجلي بصوت غير مفهوم بالنسبة له مع تصاعد وتيرة
أطلع منك ثمن حجلي).
توقفت الأم عن هز السقاية وترديد الأغنية م ًعا.