Page 16 - merit 40 apr 2022
P. 16
العـدد 40 14
أبريل ٢٠٢2
ثم يبرز ردود أفعال أخرى تصير بمثابة معطيات
جديدة ،فنحن أمام فعل أولي هو الدهشة يفجر فيه
الدكتور ناصف الطاقة الجمالية الكامنة في النص،
فتلك الجمالية هي مصدر الدهشة الأولى ،ثم فعل
ثا ٍن هو تبرير الدهشة التي تشكل رد فعل يصبح هو
بدوره فع ًل ُيثير القضايا الشائكة أكثر من أن يجد
لها الحلول المقنعة.
من جانب آخر ،المتأمل في منظومة الدرس التأويلي
عند الدكتور ناصف يرى بوضوح أربعة أطراف
حاضرة في خطابه التأويلي :الأول المتكلم المؤول
وهو الدكتور ناصف نفسه ،والثاني :قارئ الكتاب
الذي يتوجه إليه الدكتور ناصف مباشرة بأسلوب
المخاطبة والإقناع طيلة الكتاب ،والثالث :هو الطرف
المعاكس المستحضر دائ ًما في كل مؤلفات الدكتور
ناصف وهم النقاد الذين ُشغلوا قبله بالنص ،والرابع
وهو صاحب النص الأدبي أو النقدي الذي يدخل
معه الدكتور ناصف في علاقة تعاطف أو إنكار راب ًطا
في كل ذلك باستمرار بين معنى النص الأدبي وبين
مضمون النشاط الثقافي للمجتمع العربي ،وهذه
المنظومة الرباعية جوهر خطاب ناصف التأويلي،
فينطلق ناصف في منهجيته من إيمان عميق بـ»أن
الحقيقة الأولى والمهمة في تناول النص هي الكشف
عن المعنى الماثل في الإيهام ،لقد تبين للأجداد أننا
جمي ًعا نقوم بضروب من التلاعب وأننا محتاجون
إلى ملاحظات مفيدة لكشف الآلام والخلط وسوء
الفهم ،ومعظم القراء الآن أكثر اهتما ًما في تناول
البلاغة والفقه بالعناوين السطحية ،ومن ثم كان
إحياء الاهتمام بوظائف اللغة واجبًا ..إن كثي ًرا
من القراء لا يولون اهتما ًما واض ًحا بهذه الأنواع
من المعاني التي كان لها صدى كبير في كتابات
المتقدمين»(.)5
إن الظاهرة اللافتة للانتباه في تأويل الدكتور
مصطفى ناصف هو إصراره على أن ُيقدم خطا ًبا
ناب ًعا من أريحية الذات ،غير عابئ بمواضعات
الإجراء الأكاديمي في الاستقصاء واستخراج النتائج
من المقدمات ،وهذا ما أساء فهمه بعض النقاد(،)6
فاتهموا ،خطأً ،الدكتور ناصف بأنه يغطي إجراءاته
بلبوس دعائي ل ُيخفي عدم التزامه بإجراءات منهجية
محددة وصارمة ،وهذه نظرة غير دقيقة ،فالدكتور