Page 21 - merit 40 apr 2022
P. 21

‫‪19‬‬              ‫إبداع ومبدعون‬

                ‫رؤى نقدية‬

                                                                              ‫دولة الإمارات العربية المتحدة عام‬

                                                                              ‫‪ 2003 /2002‬في دورتها‬

                                                                              ‫الثامنة‪ ،‬كما حصل على جائزة‬

                                                                              ‫الملك فيصل العلمية في اللغة‬

                                                                              ‫العربية والأدب العربي عام‬

                                                                              ‫‪ ،2007‬لم تكن تلك الجوائز عن‬

                                                                              ‫فراغ‪ ،‬بل عن استحقاق جدير‬

                                                                              ‫بالتقدير من تلك المؤسسات‬

                                                                              ‫المحكمة‪ ،‬حيث أضاف إلى‬

                                                                              ‫رصيده الموروث عربيًّا‪ ،‬الإلمام‬
                                                                              ‫الواعي بالمُ ْن َجز النقدي الغربي‬
                                                                                 ‫منذ بزوغ ما ُيسمى بـ(النقد‬
                                                                              ‫الجديد) على يد الناقد الإنجليزي‬

                                                                              ‫(آيفر آرمسترنج ريتشاردز)‬

                                                                              ‫ليزاوج بين ثقافتين الأصيلة‬

‫لوسيان جولدمان‬  ‫ليو اسبيتزر‬                                         ‫مالارميه‬  ‫الموروثة والوافدة الحديثة‪ ،‬في‬
                                                                              ‫ثنائية تكوينية متوازنة‪ ،‬فواجه‬

   ‫ثانية تكسر حواجز الصمت المحيطة به بتابوهات‬                       ‫‪-‬متحد ًيا‪ -‬بثنائيته التكوينية هذه‪ ،‬انشطا ًرا معرفيًّا‬
                            ‫ُفرضت عليه مسب ًقا‪.‬‬                     ‫في المؤسسة النقدية العربية بين طرفين متناقضين‪،‬‬

   ‫لقد حاول ناصف استنطاق النص من داخله هو‬                           ‫ليعمل في صمت ويع ِّدل من مسارات غاية في التعقيد‬
  ‫نف ِسه‪ ،‬على غرار النقد الجديد الذي ظهر في أوروبا‬                            ‫والتسلط من كليهما‪ ،‬كان أولهما‪ :‬قد َت َبنَّى تراثه‬
                                                                              ‫بشك ٍل عاطف ٍي حماسي و ُم َت َشنِّج‪ ،‬والآخر‪َ :‬ن َب َذ ُه‬
  ‫بعد الحرب العالمية الثانية‪ ،‬معتم ًدا مقولة مالارميه‪:‬‬                        ‫َت َوبا ِعلن ٍّيقدجاي احلدعروبميتعلنحتا؛لةم ِفَّماصَعا َّرمي ٍَةضماتلأخرطجاحبة‪،‬‬  ‫بشكل‬
  ‫«الشعر لا ُيكتب بالأفكار‪ ،‬بل ُيكت ُب بالكلمات»‪ ،‬فلم‬                                                                                                          ‫الثقافي‬
 ‫يتصلب ناصف في التمسك بأيقونات نقدية سكونية‬
                                                                         ‫ما بين التلفيقيَّة والإقحامية‪ ،‬في سياق الوصف‬
  ‫موروثة‪ ،‬ليفرضها على النص الأدبي كي لا يصي َر‬                      ‫(السوسيوثقافي) ليق ِّدم ناصف للخطاب النقدي العام‬
  ‫حبيسها‪ ،‬ولم يتعصب في اتباع الوافد الب َّراق ليبدو‬                           ‫في وسط هذا الوطيس‪.‬‬
   ‫لاهثًا وراء أطياف الآخر المنتصر‪ ،‬كما َزا َوج أي ًضا‬
‫بين النظرة السياقية التارخية للنص الأدبي‪ ،‬والنظرة‬                   ‫قدم ناصف وسط هذا المعترك‪ ،‬قراء ًة جديد ًة تتجاو ُز‬
 ‫النسقية الجمالية له‪ ،‬محتر ًما كونه –النص‪ -‬نشا ًطا‬                  ‫ذلك الفصام المعرفي الذي يتسم بالاتباعية المُ ْفرطة‪،‬‬
 ‫إنسانيًّا لا َي ُش ُّذ عن قواعد التأثير والتأ ُّثر بالظروف‬                   ‫والتي مثلت انعطا ًفا من جانبيه على حد سواء‪،‬‬

     ‫المحيط ِة به وبلحظة إنتاجه من جهة‪ ،‬ومن جهة‬                               ‫فمن الأصولي بانعطافه التاريخي المغاير للحظتنا‬
‫أخرى‪ ،‬لم ينس أنه –النص‪ -‬بني ُة لغوي ُة‪ ،‬لها أنسا ُقها‬                ‫التاريخية‪ ،‬ومن الحداثي بانعطافه الجغرافي المُق َحم‬
                                                                    ‫غر ًقا في بيئة جغرافية ثقافية مغايرة لبيئتنا العربية‪،‬‬
                ‫الجمالية المستقلة والمغايرة لكافة السياقات المحيطة‬
                ‫به‪ ،‬سوا ًء كانت تاريخية أو اجتماعية أو نفسية‪ ،‬أو‬     ‫فاتخذ الدكتور ناصف‪ ،‬منه ًجا لقراءة النص التراثي‬
                                                                    ‫العربي محت ِر ًما لخصوصيتيه التاريخية والجغرافية‬
                  ‫غيرها مما اهتمت به مدارس النقد العلمي خلال‬         ‫م ًعا‪ ،‬معت ًّدا بأدواتهما المميِّزة‪ُ ،‬مسق ًطا على هذا النص‬
                        ‫النهضة الحديثة بدراسات النص الأدبي‪.‬‬         ‫مجموع ًة من المناهج النقدية التي ط َّوعها بمهارة ف َّذة‪،‬‬

                ‫وقد تناثرت آراء الدكتور ناصف هذه في مؤلفاته‪:‬‬           ‫راعى من خلالها الأصالة والمعاصرة‪ ،‬ليخد َم هذا‬

‫(الصورة الأدبية‪ -‬ودراسات في رمز الطفل‪ :‬دراسة‬                        ‫النص في إطار خصوصيته الثقافية العربية‪ ،‬بقراءة‬
   16   17   18   19   20   21   22   23   24   25   26