Page 24 - merit 40 apr 2022
P. 24
العـدد 40 22
أبريل ٢٠٢2
لاستخراج خباياه ،بد ًل من محاكمته واتهامه ،وهو متعم ًقا في أغوار مفاهيم علم النفس.
-وإن تابع الدكتور طه حسين في منهجه ال َش ِّكي -ر َّكز ناصف على أهمية الفهم ،واعتبره عمو ًدا ِف َق ِر ًّيا
تجاه الشعر الجاهلي -فهو بذلك قد َد َّشن عص ًرا لتحليل النصوص المُ ْنتِج ،معتب ًرا إياه صوت النقد
جدي ًدا من التساؤلات الموضوعية التي تحاور النص الجديد ،داعيًا إلى التخلص من التحليلات السطحية
الجاهلي ل ُتحييه ،ولا تحاكمه لتنس َفه ،في شك منهجي
كان بنَّا ًء في ذاته. للنصوص ومنب ًها على ضرورة معايشتها ِب َر ِو َّية،
-اعتبر الكلمة في القصيدة لاعبًا أساسيًّا في بنيتها، كذا التعاطف معها ليتسنَّى لنا ثبر أغوارها بتفتيت
فلها قدرة كبيرة على اختزال رؤى الكاتب و َت َو ُّج َهاته
الفلسفية ،فلم تعد بني ًة في سياق عاد ٍي ،بل صارت ما ترسب عليها من طبقا ٍت ِكلاسيَّ ٍة َت ُحول دون
بني ًة في سياق ثقافي أنتجها ،حيث تختزل في بؤرة بلوغ جواهرها ،بمبادئه الثلاثة (اللغة -التفسير-
تكوينها زخ ًما (مزاجيًّا /ثقافيًّا /سياسيًّا /فكر ًّيا)، التواصل).
وأن التجربة قاس ًما مشتر ًكا بين النصوص ،تتناسل -كما اعتمد التفسير ب َع ِّده عملي ًة جوهري ًة تقوم على
فيما بينها بواسطة اللاشعور ال َج ْم ِعي الذي تمارس أساس تأويل إشارات النص الأدبي ،ضمن التصوير
الكلمات من خلاله تأثي ًرا غير متنا ٍه على الشعراء الرمزي وال ُبعد التخيِّيلي له بوصفه ظاهر ًة لغوي ًة
وال ُكتَّاب ،مهما اختلفت أساليب كتاباتهم؛ لتظهر رامز ًة في مجملِه.
في رموزهم معبرة عن تجارب متوحدة من خلال -تعامل ناصف مع المناهج السياقية بحذر ،رافضا
تغييب النص كليًّا اهتما ًما بأشياء خارجه لا تمت له
رموز متنوعة مثل (الطلل والمرأة والناقة والوشم.. بصلة ،ففصل بين النص ونفسية قائله ،وبين الأدب
وغيرها) ،مكررة بصور ٍة طقوسيَّ ٍة شبيه ٍة بالترانيم والوسيط الاجتماعيُ ،م َف ِّرقا بين باعث كتابة القصيدة
حيَّه َكيا ْرن ِقتيببمهثااباةل ُرشاْقيع ٍُةر والشعائر ،كأنها ال ُر َقى وبين طبيعتها كوحدة فنية جمالية ،مستقلة بمحتواها
لجزيرته وكافة أحياء واديه ،بل عن ظروف نشأتها ،مهما كانت هذه الظروف من بين
العربية بأكملها؛ استدعا ًء للمطر وال ِري فالخصب
والنماء والاستقرار الوجودي لحيه وسائر أحياء عوامل نشأتها.
-كما رفض النزعة البنائية (ال ُبنيو َّية) المغلقة ،والتي
البادية العربية ،لقد استفاد ناصف من أنماط (كارل
تبالغ في التقسيم الثنائي اللغوي الأقرب للأداء
يونج) العليا وآرائه في اللاشعور الجمعي ميثولوجيا الرياضي الجاف ،منه إلى التصوير الفني التذوقي
المُوحي ،والتي تؤدي بآليات علاقاتها الارتباطية إلى
ورؤى التفسير الأسطوري للأدب ،كما شابه تجربة عزل اللغة ووضعها في ( ُق ْم ُق ْم النص) وإهمال رو َحها
الم َت َج ِّددة واللامتناهية في عالم النصوص المنفتح الذي
الناقد الفرنسي (لوسيان جولدمان) الذي زاوج بين
يتمدد منفس ًحا ،كلما ُقرئ قراءة منفتحة فاعلة.
بنية النص اللغوية داخليًّا وبنية المجتمع المنتجة له -اعتمد الحوار مع النص ومساءلته والتفاعل معه
خارجيًّا ،ليراوح بين داخل النص وخارجه ،فيما
سماه بـ(نظرية البنيوية التوليدية) في
رؤية تقول :بتوالد البنى الداخلية للنص
عن بن ًى خارجية اجتماعي ٍة وقناعات
جماعية لفئة انتمى الكاتب لها ودلفت منه
في أدائه الإبداعي ،ليأتي في منطقة وسط
بين الشكلانيين الروس ،بتركيزهم على
لغة النص وأنساقه الجمالية ،والماركسيين
وطبقاتهم الاجتماعية.
-رفض التقديس المطلق للقيم السكونية
الموروثة والمفروضة قس ًرا على نصوص
من المفترض أن تكون منفتح ًة حر ًة طليقة،