Page 29 - merit 40 apr 2022
P. 29
27 إبداع ومبدعون
رؤى نقدية
وللبلاغة في كتب مثل: تتعصب لطرف دون الآخر؛ فهي متأنية في متابعتها
-خصام مع النقاد لقيم النص الجمالية وجزئياته التي يتكون منها في
-قراءة ثانية لشعرنا القديم بعدها الصوتي والصرفي والتركيبي وما يتصل
-اللغة البلاغة والميلاد الجديد به من بلاغة ،ومهتمة بشكل جدي باستكشاف
-النقد العربي نحو نظرية ثانية ما يحمله النص من معا ٍن ،الوصول إليها يحتاج
تعد انعكا ًسا لشخصية لا تعرف التخندق ،وتسعى إلى دراية بما هو على الساحة من مفاهيم؛ مثل
إلى الحفاظ على القديم بربطه بما هو مستجد دون الهيرمنيوطيقية أو التأويل ،وهذه المفاهيم تنشد
الانفصال عنه ،وتقديم منظور متوازن في التعامل قار ًئا إيجابيًّا يتجاوز عتبة المتعة والتسلي وعتبة
التنظيري مع العملية النقدية ،وفي التعامل التطبيقي الانطباعية في الحكم على النص ،إلى عتبة الكشف
المفيد مما هو نظري في معالجة النصوص ،وفي المتوسل بمفاهيم وإجراءات نظرية تخاطب الماضي
سعيه هذا كشف عن خصوصية شخصيته التي
تستوعب الموجود على الساحة قديمه وحديثه، والمضارع وتخاطب حقو ًل معرفية متنوعة.
وتحرص على البناء عليه ما أمكنها ذلك؛ حتى لا إن إسهامات مصطفى ناصف داخل المكتبة العربية
تبدو مسألة النقد وكأنها نشاط نمطي في التعامل في تناولها من زاوية المهتمين بنقد النصوص؛ تقول
مع النصوص يكرر نفسه ،ولا جديد فيه ،سوى للناقد الذي يسعى إلى الخبرة ممن سبق :إن الدرس
توجيه الناقد لعدسته القارئة من أديب إلى آخر ومن
نوع أدبي إلى غيره؛ وفي ذلك رسالة ضمنية تحملها اللغوي بمستوياته المتعارف عليه صو ًتا وصر ًفا
مؤلفات مصطفى ناصف؛ مفادها أن الشخصية ونح ًوا ،ومعج ًما ،والدرس البلاغي والدرس النقدي
الناقدة شخصية قلقة لا تعرف الاعتياد ولا تعرف في ثوبه القديم والمعاصر ،مع علوم أخرى كالفلسفة
الثبات فيما يتصل بالمنطلق النظري المنهجي الذي
تتحرك من خلاله ،وبالطبع في مؤلفاته تتأكد وعلم الاجتماع وغيرهما؛ تمثل أدوات مطلوبة لا
هذه الروح التي يمكن نعتها بالمرنة غير المتعلقة غنى عنها في التصدي للنصوص ،ليس هض ًما لها
الممسكة بإطار منهجي ومفاهيم ثابتة متصلة به
في قراءة النصوص ،ليس لأن في ذلك وأ ًدا لنزعة فحسب ،ثم بعد ذلك يتم تجاوزها ،ولكن تبقى
يجب أن تكون إيجابية في نشاط الناقد ،ولكن لأن حاضرة وفاعلة ومؤثرة في التعامل مع النصوص
التجمد عند إجراء منهجي بملامح ومفاهيم ثابتة
محددة ضد طبيعة النصوص ذاتها التي تحمل في وفي النهوض بدور نقدي لا يعرف التجمد أو
طياتها -بالنظر إلى مكنونها الدلالي -عالمًا مملو ًءا التعصب أو الاكتفاء بإطار تنظيري ومنهجي
بالتفاصيل وبالتنوع ،يوازي عالم الواقع المعيش، ثابت محدد ،ويبدو أن محاولات مصطفى ناصف
ذاك العالم قد استقر في وعي الكاتب وتحول إلى لتقديم قراءات جديدة أو ثانية للشعر وللنقد وللغة
نسق تعبيري مو ِّثق لخبرة حياتية لها أبعادها
الزمانية والمكانية والحضارية التي تصرف البصر
إلى المرجع الخارجي المحيط بصاحبها
------
أستاذ الأدب والنقد ،كلية الألسن ،جامعة عين
شمس ،مصر.