Page 34 - merit 40 apr 2022
P. 34
العـدد 40 32
أبريل ٢٠٢2
مقد ًما قراءة ثانية للنثر العربي تكشف عن ضرب
من ضرورب المكابدة الإنسانية ونم ًطا من أنماط
المثاقفة .تعالج فيه قضايا إنسانية فلسفيًّا مثل
مفهوم البقاء ،والسلام ،وطرق تواصل المثقف
بالمجتمع ،وقضايا اللغة .كاشفة عن بلاغة قوامها
دينامية اللغة ،وقدرتها على أن تكون بيت الإنسان،
الإنسان الطامح للنفاذ إلى الوجود واستجلاء
اسراره .بوعي ومرح وحس يميز لغة الأدب.
ويميز حقيقتها عن لغة العلم .وتلك الإشكالية
الأهم ،والثنائية الأجدر بالانتباه -عند قراءة
المحاورات -ثنائية الأدب والعلم .هذه الثنائية التي
يفهم من فحواها ضرورة تعديل نظرتنا المعاصرة
للغة وللأدب ،وتعديل مفهومنا للبلاغة الموروثة،
بالكشف عن تربة أكثر خصوبة ونماء من تصور
البلاغيين القدامى.
وقبل أن نمضي قد ًما إلى أهم الإشكاليات التي
تطرحها محاورات ناصف مع النثر العربي ،فإننا
نفترض هنا تأصي ًل منهجيًّا وضوابط للمحاورة
بوصفها أداة يستنطق بها النثر العربي لم يعينها
ناصف في كتابه تعيينًا مباش ًرا واض ًحا ،لكننا
بنظرة فاحصة في كتاب يمكننا أن نكتشف جملة من
المبادئ والضوابط التي ترتكز عليها المحاورة.
ضوابط المحاورة:
وأهم ما يلحظ الدارس من ضوابط افترضها ناصف
لمحاورته تلك مع النثر العربي:
-إكبار النص :ويقصد بذلك المشاركة في التساؤل
عن طريق القراءة المعطاءة ومنحة صفة الإنسانية
باعتباره صوت إنسان يحدثنا من الماضي ويأخذ
مكانه بجانبنا في الماضي.
-استنطاق النص :دون النظر في المؤثرات المحيطة
بالنص ،وهو ما يسميه التناول الداخلي للنص.
«المؤثرات مبحث لا نغض من شأنه ،لكنه ليس
الهدف المرجو من وراء كتابنا .هدفنا هو التناول
الداخلي»(.)13
-إثارة السؤال وتحرر النص :فليس قيمة النثر
العربي في تلك المحاورات قيمة زمنية ،لكنه أحد
أشكال وجودنا العربي التي يجب استحضارها