Page 30 - merit 40 apr 2022
P. 30

‫العـدد ‪40‬‬                           ‫‪28‬‬

                                                              ‫أبريل ‪٢٠٢2‬‬

‫د‪.‬أحمد كرماني عبد الحميد‬

‫ما لم يقله النثر العربي‪ :‬مقاربة‬
‫تأويلية بين ناصف وجادامر‬
‫قراءة في كتاب محاورات مع‬
‫النثر العربي‬

‫لا عجب إذن أن نرى ناصف يستوقفنا على عبارة لأبي حيان‬
‫التوحيدي يقول فيها‪« :‬إن النفوس تتقادح‪ ،‬والعقول تتلاقح‪ ،‬والألسنة‬
‫تتفاتح»(‪ ،)45‬يؤول ناصف القدح المتعلق بالنفس بالنار يسعى‬
‫الإنسان إليها‪ ،‬والتلاقح المتعلق بالعقل بالنمو والنتيجة‪ ،‬لكن‬
‫التفتح المتعلق بالألسنة فيؤول بالقدرة على الصناعة والمشاركة‬
‫في التكوين‪ ،‬بالقدرة على تنظيم النمو والحركة‪ ،‬اللسان قرين اللغة‪،‬‬
‫واللغة بيت الإنسان‪ ،‬ووسيطه والعالم‪.‬‬

‫من مفهوم جادامر لفاعلية التاريخ منطل ًقا لقراءته‬   ‫دان على أيد العفاة وشاسع عن كل ند في الندى وضريب‬
   ‫حين يجعل كل «حديث يحتاج إلى أن ينزل عن‬          ‫كالبدر أفرط في العلو وضوؤه للعبة السارين جد قريب‬
                                                   ‫البحتري‬
‫حداثته من أجل أن يتحدث إلى القديم‪ ،‬وأن يتحدث‬       ‫إن تجلى على شيء انقطع الشيء‪ .‬وإن كان في شيء‬
 ‫القديم إليه‪ .‬وكل قديم يحتاج إلى أن يتمسك بقدر‬     ‫انفطع الشيء‬
                                                   ‫ابن عربي‬
               ‫من قدمه لكي يناوئ الحديث»(‪.)1‬‬
   ‫هنا نلحظ نبرة جادامر خاصة ما أسماه التأمل‬           ‫في كتابه (محاورات مع النثر العربي) يوظف‬
‫الانعكاسي الواعي للذات‪ ،‬ويعني به أن «كل شيء‬
    ‫نراه يكون ماث ًل هناك أمامنا ويخاطبنا بشكل‬        ‫ناصف آليات التأويل؛ لإعادة قراءة نصوص من‬
                                                    ‫النثر العربي كاش ًفا عن معالم ثقافية يحملها النص‬
             ‫مباشر كما لو كان يرانا أنفسنا»(‪.)2‬‬
     ‫فالنثر العربي وفقا لتلك الرؤية يحمل در ًسا‬       ‫النثري تحتاجها الثقافة العربية المعاصرة‪ ،‬متخ ًذا‬
    ‫ها ًّما للثقافة المعاصرة عن طريق المحاورة‪ ،‬لا‬
   25   26   27   28   29   30   31   32   33   34   35