Page 31 - merit 40 apr 2022
P. 31
29 إبداع ومبدعون
رؤى نقدية
وجود متكلم ومخاطب ،ولا بد فيه كذلك من تبادل سيما والمحاورة هنا تبدأ من المعاصر ،إذ «الثقافة
الكلام ومراجعته .وغاية الحوار توليد الأفكار المعاصرة محتاجة إلى الحوار .كيف يتم الحوار
الجديدة في ذهن المتكلم ،لا الاقتصار على عرض بمعزل عن مشاركة النص القديم ..ومغزى هذا كله
الأفكار القديمة ،وفي هذا التجاوب توضيح للمعاني، أن القراءة بطبيعتها محاورة .النص يحاور غيره
من النصوص من قبل ومن بعد»(.)3
وإغناء للمفاهيم ،يفضيان إلى تقدم الفكر ،إذا كان فما المحاورة؟ وما دلالات توظيفها كأداة ثقافية
الحوار تجاو ًبا بين الأضداد»(.)6 يعاد من خلالها قراءة الموروث ممث ًل في النثر
العربي؟ وما محصلة قراءة الموروث النثري من
وعلى نحو ما تجلت المحاورة في محاورات أفلاطون خلالها؟
كأداة لإثارة الأسئلة حول البلاغة والخطابة،
المحاورة كأداة لتأويل النصوص
وجوهرها والفرق بينها وبين السفسطة ،وليس
الإجابة عنها ،حيث كان يضع السؤال ليقوم المحاور من الدلالة المعجمية والفلسفية إلى الآداة الثقافية
تشير الدلالات المعجمية للجذر اللغوي (حور) إلى:
بتقديم عدد من الإجابات وبعد نقاشها يتبين عدم -دلالة الرجوع عن الشيء وإلى الشيء :على نحو
كفايتها .حيث يقدم لنا أفلاطون في محاورته الأولى ما يقول ابن منظور« :الحور حار إلى الشيء وعنه
أستاذه سقراط في ثوب المعلم الذي يحاول بما أوتي حو ًرا ومحا ًرا ومحارة ..وفي الحديث من دعا رج ًل
من قوة أن يوقظ الناس من سباتهم ،فلا يسلمون بالكفر وليس كذلك حار عليه أي رجع إليه ما نسب
تسلي ًما مطل ًقا بما ورثوه من آراء لم توضع في محك
إليه»(.)4
البحث والاختيار(.)7 -المركز الذي يدار حوله :فهو العود الذي تدور
وبتأملنا لهذا العنوان اللافت «محاورات مع النثر
عليه البكرة ،والخشبة التي يبسط بها العجين،
العربي» تأخذنا لفظة (مع) بظرفيتها إلى معنى سمي محو ًرا لدورانه على العجين تشبي ًها بمحور
المصاحبة الزمنية وحضور الماضي في قلب الحاضر
والعكس ،لاسيما وناصف يجعل بداية الانطلاق إلى البكرة واستدارته.
-التهيئة« :حور الخبزة تحوي ًرا هيأها وأدارها
النثر العربي الحاضر ،وغايته من تلك المحاورات
الإضافة والمساهمة في تغيير السائد ثقافيًّا ،وهو ما ليضعها في الملة.
يجعلنا نرى مقاربة بين مفهوم جادامر عن الحوار -الخط والناحية :المحارة الخط والناحية.
ومحاورات ناصف ،بوصفها أداة تساهم في فاعلية -مراجعة المنطق والكلام :هم يتحاورون أي
التاريخي وحيوية التراث متمثلة في النثر العربي، يتراجعون الكلام(.)5
باعتباره كائنًا حيًّا؛ حيث تساهم «إتيكا الحوار» في وأهم ما نشير إليه من خلال استرجاع تلك
نفي سلطة المعني الموروث ودغمائية إضفاء دلالة الدلالات المعجمية هو اشتراك التأويل والمحاورة في
دلالة الرجوع ،الرجوع إلى أصل ،غير أن المحاورة
تنحو نحوها قوى الحاضر(.)8 بجذرها اللغوي تشير إلى دلالة الدوران حول
وعن طريق النبش المعرفي في مشروع ناصف الشيء ،والرجوع منه إليه .الدوران حول الموروث
يمكننا أن نضع أيدينا على تأصيل معرفي لفكرة
الحوار كأدة للقراءة الثقافية بدي ًل عن المنهج. كمحور انطلاق ،وإعادة تهيئته وتشكيله.
وربما تكسب المحاورة طاب ًعا ديالكتيكيًّا كما تشير
الحوار /المنهج:
الفلسفة الكلاسكية ،حيث تبادل الحجج والجدل
في كتاب نظرية التأويل يطرح ناصف مقارنة بين بين طرفين دفا ًعا عن وجهة نظر معينة؛ فالمحاورة:
مفهوم المنهج والحوار وف ًقا لفهمه لتأويلية جادامر،
يقول ناصف «نستطيع أن نقول إن أسلوب جادامر «المجاوبة ،أو مراجعة النطق والكلام في المخاطبة،
في مشكلة الفهم أقرب وأوثق صلة بحوار سقراط. والتحاور التجاوب .لذلك كان لا بد في الحوار من
جادامر يخاصم -كما قلنا -التفكير التكنولوجي،