Page 36 - merit 40 apr 2022
P. 36
العـدد 40 34
أبريل ٢٠٢2
مما يجعلنا نقترب من مفهوم الثقافة باعتبارها فلا يخلو عقل الناثر العربي من ثورة ومساءلة لكل
مجموعة من النشاطات الأخلاقية والتعبيرية التي ما هو مستقر وثابت «لقد نسينا أن الكاتب العربي
لا يمكن إدراكها بشكل مجرد ،بل بالميل الثابت من خلال أطوار قوة الكلمة يناويء ويسأل ،ولا
نحوها والرغبة في فهمها باستدعاء تجاربها يحتد ولا يظلم ،ولا يرى الطريق أمامه سه ًل ولا
موطأً»( .)17ولنا أن نتأمل قول ناصف« :قد قلت إن
والتماهي معها عن طريق الاندماج ،وفتح أفق رسالة الغفران لا تفهم بمعزل عن أدب أبي العلاء.
الانصهار حيث تكتسب تجاربنا في محاورة النثر
مساهمة في إعادة تشكيل ثقافتنا المعاصرة ،فتجربة وأنت تعرف موقفه من الشعر .الشعر عنده لا
الإصغاء للنثر العربي تجعل من رموزه التأويلية يسهل حمله دائ ًما على الاعتقاد .لكن الشعر رفيع
عنوا ًنا على عبقرية دفينة تحركت بشكل متواري إلى المنزلة ..أبو العلاء يمسي ويصبح في أمور الشعر.
المحيط المباشر بالانخراط فيه والعمل وفق معاييره أمور الشعر .وأمور الشعر لا تنفصل عن النحو
والرواية والاشتقاق والأخطاء .وهذا كله يؤدي إلى
وأحكامه ،لتذليل العقبات نحو بناء مناخ ثقافي
فعال ،على نحو ما يشير مضمون المحاورات .ومن التساؤل عن العلاقة بين جوانب الرسالة»(.)18
ثم كان لفضاء المحاورات مجموعة من الإشكاليات
محصلة المحاورات:
التي تحاول أن تجيب عنها ،وقد صغناها في
شكل أسئلة .نحاول طرحها محاولة منا للوقوف تطرح المحارات -فيما أرى -مفهو ًما ديناميكيًّا
على بعض المضامين المعرفية التي يحملها كتاب لمفهوم الثقافة الوثابة ،عن طريق الرجوع الواعي إلى
محاورات مع النثر العربي. نصوص نثرية ،فالثقافة –وفقا لمحاورات ناصف-
التأويلات الراهنة حول المعطيات النصية السابقة
أسئلة المحاورة أسئلة اللغة والبلاغة
-1النثر العربي بلاغة الفهم والتثقيف على زمنتنا ،الثقافة في المحاوارت ليست تصو ًرا
نظر ًّيا بل منظومة من الأفعال والتواصلات بين
لا فتنة البنية والأسلوب: نظم فكرية وعوالم متغايرة ،ولنا أن ندلل على ذلك
من خلال تأملنا للعتبات الداخلية للكتاب ،حيث
في كتاب محاورات مع النثر العربي يأخذ الجاحظ تشكل من ثلاثة عشر فص ًل« :اللغة بين ثقافتين،
مساحة ليست قليلة ،خاصة وناصف يحاور نثره النثر في عالم متغير ،تساؤلات ،تواضع وكبرياء،
أبو حيان قارئ لثقافة عصره ،توتر واسترخاء،
في ثلاثة فصول تحمل عناوين لافتة هي :بين رحلة الذات المقهورة ،مرح وفلسفة ،على أعتاب
ثقافتين ،والنثر في عالم متغير ،وتساؤلات .وفحوى الروحي ،محاورات مع الكلمة ،قبول واحتجاج،
الأفكار كلمات ،معالم الطريق».
وبنظرة تأملية في تلك العتبات يلحظ الباحث
اهتما ًما متعم ًدا من صاحب المحاورات للربط
بين شخصية الناثر العربي بوصفه المثقف
النموذج الحريص على التحرك بين ثقافتين
في روح من المرح والفلسفة ،محاو ًرا الكلمات،
وراب ًطا بينها وبين الأفكار ،وبين التوتر
والاسترخاء ،محاو ًل استجلاء معالم الطريق
في توتر واسترخاء ،وتواضع وكبرياء ،مثي ًرا
التساؤلات ،خلو ًصا للذات المقهورة بالوقوف
على أعتاب الروحي.