Page 26 - merit 40 apr 2022
P. 26

‫العـدد ‪40‬‬   ‫‪24‬‬

                                                     ‫أبريل ‪٢٠٢2‬‬

‫د‪.‬أحمد يحيى علي‬

‫الدكتور مصطفى ناصف‬
‫ومشكلة النقد‬

‫إن الدرس اللغوي بمستوياته المتعارف عليه صو ًتا وصر ًفا ونح ًوا‪،‬‬
‫ومعج ًما‪ ،‬والدرس البلاغي والدرس النقدي في ثوبه القديم والمعاصر‪،‬‬
‫مع علوم أخرى كالفلسفة وعلم الاجتماع وغيرهما؛ تمثل أدوات‬

‫مطلوبة لا غنى عنها في التصدي للنصوص‪ ،‬ليس هض ًما لها فحسب‪،‬‬
‫ثم بعد ذلك يتم تجاوزها‪ ،‬ولكن تبقى حاضرة وفاعلة ومؤثرة في‬

‫التعامل مع النصوص وفي النهوض بدور نقدي لا يعرف التجمد أو‬

‫التعصب أو الاكتفاء بإطار تنظيري ومنهجي ثابت محدد‪.‬‬

‫عنده في علاقته بالنص‪ ،‬وفي تراثنا العربي محددات‬       ‫النقد عملية تتأسس على محددات ثلاثة‪ :‬القراءة‬
    ‫لتلك الرؤية‪ ،‬يمكن مطالعتها إجما ًل فيما يسمى‬
    ‫بالنقد الذاتي أو النقد الانطباعي في مقابل النقد‬        ‫الاستقرائية‪ ،‬الوصف ال َمعنِي بمسألة الشكل‪،‬‬
   ‫الموضوعي أو المنهجي‪ ،‬وفي قضية اللفظ والمعنى‬        ‫الاستكشاف المرتبط بتجاوز الصياغة وما تنطوي‬
                                                       ‫عليه من قيم جمالية إلى مشكلة المعنى؛ وفي ضوء‬
‫التي تمددت في الوسط الثقافي العربي بدرجة كبيرة‬
   ‫في العصر العباسي‪ ،‬ساعد عليها وغ َّذاها اتصال‬         ‫ثنائية (الشكل والمضمون) تظهر حالة تشير إلى‬
      ‫البناء الحضاري العربي بغيره والتقاء المثقف‬     ‫جوهر مميز للعملية النقدية برمتها؛ ألا وهي مسألة‬

‫العربي بمعارف أخرى عبر الترجمة؛ فكان للفلسفة‬           ‫إصدار الحكم على المقروء‪ ،‬ولا شك في أن مقاربة‬
‫وما ترتب عليها في سياقنا الثقافي العربي من منجز‬       ‫النص ومحاولة إصدار بطاقة هوية له عبر المتلقي‬
                                                     ‫المتدثر بثوب الناقد تمثل حالة متواصلة عبر الزمن؛‬
      ‫فكري يسمى بعلم الكلام دور واضح في بناء‬           ‫انسجا ًما مع الطبيعة التواصلية للغة التي تتعدى‬
   ‫دعامات هذه القضية التي انتقلت وانتقل الحديث‬         ‫حدود مرسلها ناط ًقا كان أم كاتبًا إلى قارئ قد لا‬
‫عنها من التراث إلى النقد المعاصر؛ وفي هذا الانتقال‬
 ‫بقيت أصداء فلسفة اليونان ومقولات أرسطو ومن‬             ‫يكتفي فقط بمجرد الاستقبال السلبي‪ ،‬لكنه يجد‬
‫سبقه ‪-‬فيما يتصل بالأدب شعره ونثره وما يتعلق‬          ‫نفسه مدفو ًعا أو مستثا ًرا بحاجة إلى تكوين موقف‬

     ‫بالمحاكاة ذاك المفهوم الأثير‪ -‬حاضرة فارضة‬          ‫مب ٍن على الرصد الواصف لعناصره التي يتكون‬
                      ‫نفسها على الساحة الفكرية‪.‬‬      ‫منها‪ ،‬وعلى محاولة استنطاق ما يحمله ذلك المقروء‬

‫ومصطفى ناصف المولود في العام ‪ 1921‬والمتوفى في‬          ‫من قيم دلالية قد تسكنه؛ المعنى إ ًذا مسألة تتخذ‬
 ‫العام ‪ 2008‬يمثل بحضوره الأكاديمي وبما قدمه‬             ‫حي ًزا قد ينكمش وقد يتمدد تب ًعا لمنطلقات الناقد‬
                                                      ‫ودوافعه ورؤيته للمدى الذي سيبدأ منه ويتوقف‬
   21   22   23   24   25   26   27   28   29   30   31