Page 238 - merit 40 apr 2022
P. 238
العـدد 40 236
أبريل ٢٠٢2
ومنها ما هو متعلق بالمسافة أن يكون تعبي ًرا عن نضج ما. أخلط الفصحى بالعامية ،لم أكن
بين التجربة الوجدانية والتجربة ننشأ في مجتمع قائم على أشعر بأني أفعل ذلك ،كنت أظن
أني أكتب فصحى خالصة لكن
التعبيرية حتى بدون وجود منظمومة ضخمة من الأكاذيب،
إشكال الازدواج اللغوي ،وأرى كثير منها يتسرب ويترسخ معاصرة ،وأن اللغة لا تتحدد
الآن ضرورة التخلص من طبقة بالألفاظ في الأساس ،وإنما البناء
الاغتراب بشأن ذلك الازدواج في المستوى الإبداعي ،ويحتاج
لأنها ليست طبيعية وليست حتمية اكتشافها ومواجهتها لكثير والإيقاع؛ فيمكن لأي لغة أن
تستعمل ما شاءت من ألفاظ أي
كمعظم الطبقات الأخرى. من الوقت والجهد والشجاعة. لغة أخرى وتستوعبها في إطارها
اكتشفت أن الكتابة بالفصحى وبناءاتها ،من هذه الوجهة كتبت
في ذاكرتي البصرية تزيد اغترابي؛ ربما لأنها لغة
-وأنا أضع هذه الأسئلة ميتة ،فلا أحد يتكلم بها في الواقع، بالفصحى جميع رواياتي ،ما
لهذا الحوار -شخصيات ولأني تعذبت معها ،وأخطئ في عدا رواية «بار أم الخير» .حتى
من رواياتك تحتل مجال التعبير بها -كمعظم إن ليس كلمة شو َّيا العامية؛ من وجهة
كل الكتاب -رغم طول التجربة،
رؤيتي حين أتحدث هناك دائ ًما مسافة تفصلها عن الاستعمال ،رأيتها أصيلة في
عن كتابتك :أذكر مث ًل وجداني ،هذه المسافة طبيعية الفصحى كتصغير لكلمة شيء
السيدة الشعبية التي لأنها ليست لغتي التي نشأت على إلى ُش َييء ،وحيث ُيستكره جمع
تحمل أنبوبة الغاز على استعمالها ،ولكنها ُفرضت عليَّ مثلين فتوضع واو بدل إحدى
رأسها في جو حار ،وأذكر من خلال مناهج التعليم وبرامج الياءين فتصير شويء ،وبالنصب
الثقافة والإعلام المستلبين رجعيًّا. والتنوين فهي شويئًا ،وبالتخفيف
عاملة مصنع الغزل هنا بتأمل تجربتي أدركت لماذا
بعرقها ورائحتها النفاذة استعمل ُت دائ ًما الألفاظ المصرية فهي شو َّيا.
بغزارة في كتابة كافة أعمالي داخل حتى الحوار الروائي كتبته دائ ًما
و»الفتلة» التي تضعها بالفصحى ،ورأيت أن المسألة في
في أذنها مكان الحلق إطار الفصحى. الحوار ليست محاكاة ،وأن الكاتب
حتى لا ينسد الخرم، ولا شك أن الاغتراب الإبداعي بالفصحى ينبغي أن ينفي أي لغة
طبقات ،منها ما هو متعلق أخرى ،فلا يقع في فخ الارتباك
بالطبيعة النفسية لل ُكتاب عمو ًما. الذي يحدث عند محاولة المشي
على الحبل ،للجمع بين اللغتين.
لكني تغير ُت وغيرت رأيي ،قررت
مؤخ ًرا أن أكتب
باللغة المصرية
الحديثة
-ويقال
العامية -ما
أمكنني ذلك في
المستقبل .هذا
تطور رؤيوي
بالتوازي مع
التجربة الفنية،
وتراكم معرفي
خاص ،وأتمنى