Page 240 - merit 40 apr 2022
P. 240
العـدد 40 238
أبريل ٢٠٢2
وحيرة ،لا أدعي الاهتداء بعد في العام الماضي فقط اتخذت قرار تسعى للاكتمال ،وإن اكتملت
الضلال ،أدعي اكتشاف أكاذيب الاقتصار في الكتابة عمو ًما على تجربة الكاتب توقف عن الكتابة
الجيدة والعكس ،هذا يجعل الكتابة
وأوهام وضلالات كثيرة منها اللغة المصرية .أدرك أن هذا -وإن
أننا عرب ،وأننا نتحدث باللغة كان يقلل الغربة في حالة الكتابة الأجود أشد تواض ًعا.
العربية ،انتبهت لمصادرة الجهد ذاتها ،-فهو يزيد من غربتي مع
المصري لصالح هوية خارجه “اللهجة المصرية” أو
يقال لها العربية ،حتى لاعب الكرة الواقع حتى وسط الكتاب أنفسهم، “اللغة المصرية” عندك
(اللي حيلتنا) يقال له فخر العرب. لكني مضطر .الكاتب مجموعة باب واسع يطول فيه
اختيارات ،أو رهانات ،أدرك أن الكلام ،فأنت من القلائل
انتبهت على حقيقة الاحتلال الكتابة باللغة المصرية يجعلني الذين كتبوا روايات كاملة
الديني الرجعي لحياتنا ،أبشع أخسر كثي ًرا خاصة مع طغيان باللغة المصرية المعاصرة،
أشكال الاحتلال ،احتلال بكل بل وتكتب بعض مقالاتك
ما في الكلمة من معاني ،احتلال الفكر الرجعي عمو ًما ،لكن ليكن،
استلابي يتحكم في اختياراتنا ومتى كنت من الرابحين؟! أفخر الطويلة ،وأبحاثك،
الفردية والجماعية منذ بدأ الغزو بخساراتي كما أفخر بانتصاراتي. وتدويناتك على فيس بوك
العربي لمصر الذي أراه مستم ًرا انتبهت بالتدريج لضرورة الكتابة
حتى الآن ،بحيث إنه متبجح بها .لماذا ومتى قررت أن
ويعتقد أنه الأصل والأساس، بالمصرية ،لم أتخذ هذا القرار تخالف اللغة الرسمية
في يوم وليلة ،لكن بعد تجربة،
وهناك أغلبية خاضعة له، وتكوين رؤية ذات أبعاد أتمنى أن الطاغية على الأدب العربي
أعتبرهم في مقام العملاء والخونة، تكون متكاملة ،والمؤكد أنها تكونت في مصر؟ وهل تجد أن
على مهل ،وممارسة فعلية للكتابة “المصرية المعاصرة”
ليس فقط لمصرية مصر ،ولكن بالعربية كثي ًرا أو ًل ثم بالمصرية
للإنسانية وللحياة ذاتها. تستطيع أن تصمد كلغة
مؤخ ًرا. أدب؟ والأهم :هل تتوقع
وعلى مستوى آخر ،في أن نكتب قل ما شئت عن ثورة يناير،
غير ما نتكلم عناء كبير ،وهذا ظني أنها حد فاصل بين زمنين، أنها يمكن أن تسود؟
مفروض علينا من الاحتلال، لا شيء يبدأ من فراغ والأمور
متصلة ،هذه الثورة أيقظتني من تناولت بعض هذا الشأن في
وبدوافع دينية رجعية تجعل منا سباتي الرجعي ،والتعبير الأخير الاستطراد ر ًّدا على السؤال الثاني،
عبي ًدا نخدم اللغة العربية الفصحى استعارة من إيمانويل كانت الذي وهذه فرصة لمزيد من التوضيح.
قال إن هيوم أيقظه من سباته
التي تحولت إلى غاية في ذاتها الدوجماطيقي .لم أكن رجعيًّا أب ًدا روايتي «بار أم الخير» الوحيدة
لا مجرد وسيلة تفكير وتعبير. لكني كنت لا اكتراثيًّا لحد بعيد المنشورة بلغتي المصرية ،لم أكن
بالطغيان الرجعي على الحياة في
ومن وجهة أنها أداة تفكير مصر بمبدأ «لكم دينكم ولي دين». قد توصلت لقرار الكتابة بها،
فالمشكلة كبيرة ح ًّقا ،هذه اللغة كنت أتجاهل المستنقع الرجعي لكنه الإدراك الوجداني كما سبق
ذاتها مختطفة رجعيًّا من قديم، حولي ،كمن يسير ناظ ًرا للقمر
في أبسط الأمثلة تصف بعض في أرض ممتلئة بالحفر الموحلة. وأشرت ،اللغة من التحديات
الخلافات فتنة ،وتقول عن المآخذ ثورة يناير أيقظتني على كارثة الكبرى لكل كاتب مصري.
الالتهام الديني الرجعي لحياتنا بالمناسبة ،وكجزء من هذه الرؤية،
على الرؤى الرجعية شبهات، وجشعه الذي لا يشبع .بقيت بعد أفرق بين الأدب المصري ،والأدب
تقول للأسلاب في الحروب غنائم الثورة بضع سنوات في اضطراب المكتوب بالعربية ،والأدب الذي
وأنفال ،وتقول للبتر التناسلي يمكن وصفه بالعربي.
ختان .هذا فض ًل عن أنها أسا ًسا
لغة ميتة ،جثة محفوظة في ثلاجة
المقدس ولولاه لتحللت من قديم.