Page 243 - merit 40 apr 2022
P. 243

‫‪241‬‬                ‫ثقافات وفنون‬

                   ‫شخصيات‬

                                                                         ‫ذلك إشارة إلى تراجع فن‬
                                                                                ‫القصة القصيرة؟‬

‫فيودور ديستويفسكي‬  ‫عبد العال الحمامصي‬  ‫خيري شلبي‬                          ‫لا أعرف‪ ،‬هذه هي الإجابة الأدق‪،‬‬
                                                                             ‫مع ذلك سأجتهد الآن بتقديم‬
 ‫وأوراق دشت كثيرة بها كتاباتي‬           ‫الوسيلة الأفضل أي الأقدر على‬         ‫مقترحات لا أدرك نصيبها في‬
‫المختلطة‪ ،‬ولم أتجاوز عرضها على‬          ‫استيعاب طبيعتي‪ ،‬كتبت الشعر‬
                                                                           ‫الاقتراب من الحقيقة‪ .‬ربما كان‬
  ‫بعض الأصدقاء‪ ،‬لم أرسل شيئًا‬               ‫الفصيح والعامي‪ ،‬العمودي‬      ‫هذا تعبي ًرا عن زيادة تعقيد الحياة‬
  ‫لجريدة أو مجلة وأسعى للنشر‬               ‫والتفعيلي والنثري‪ .‬بالمناسبة‬
   ‫مث ًل‪ .‬ولم أشارك في المسابقات‬         ‫أحتفظ حتى الآن بديوان شعر‬           ‫الذي يتطلب المزيد من التعقيد‬
  ‫الجامعية في الكتابة‪ ،‬اللهم إلا في‬      ‫بالمصرية (يقال بالعامية) بخط‬    ‫الجمالي وهذا يتاح في الرواية أكثر‬
                                          ‫صديقي الشاعر الكبير صالح‬       ‫من القصة القصيرة‪ .‬ولعله من أثر‬
    ‫آخر سنة‪ ،‬شاركت على سبيل‬             ‫الغازي‪ .‬وكتبت الرواية أو ًل كما‬
       ‫الذكرى في مسابقة القصة‬          ‫أوضحت من قبل ثم تعرفت على‬           ‫نجيب محفوظ خاصة بعد فوزه‬
                                          ‫القصة القصيرة بعد الانفتاح‬         ‫بنوبل‪ .‬شخصيًّا وجدتني أبدأ‬
‫القصيرة‪ ،‬وربحت الجائزة الأولى‬             ‫على القراءات من خارج المنهج‬       ‫بكتابة رواية‪ ،‬دون تفكير‪ ،‬كنت‬
     ‫على مستوى جامعات مصر‪.‬‬             ‫الدراسي‪ ،‬نتيجة طبعي الفضولي‪.‬‬          ‫في المرحلة الإعدادية‪ .‬ولا أذكر‬

   ‫هذا فاجأني‪ .‬كانت قصة باسم‬                  ‫صدتني الشجارات حول‬           ‫هل كانت عن رحلة مدرسية‪ ،‬أم‬
  ‫العريش‪ ،‬وتحولت فيما بعد إلى‬           ‫مفهوم الشعر وتبادل الاتهامات‬      ‫هي تلك التي كتبتها عن رجل من‬
‫رواية السما والعمى‪ .‬قرأت اسمي‬           ‫والانقسامات والتكفير الشعري‬
                                                                            ‫مصر القديمة ُيبعث من مقبرته‬
    ‫في خبر صغير بمجلة أكتوبر‬                 ‫بين مختلف أشكال الكتابة‬       ‫الفرعونية‪ ،‬ويقيم عند أعراب في‬
‫حيث كان يحرر صفحتها الثقافية‬              ‫الشعرية‪ ،‬لم أستكمل تجربتي‬      ‫الصحراء‪ ،‬ثم يقيم في قرية‪ ،‬ثم في‬
                                           ‫الشعرية ولم يعلم بها سوى‬       ‫مدينة‪ ،‬ضاع مني مخطوط هذين‬
   ‫الكاتب عبد العال الحمامصي‪،‬‬                                             ‫العملين‪ ،‬ونسيت التفاصيل‪ ،‬لعلي‬
 ‫والذي كان يح ِّكم المسابقة ضمن‬            ‫صديقين أو ثلاثة‪ ،‬احتوتني‬      ‫تأثرت بقراءاتي التي صادف أنها‬
                                             ‫الرواية‪ ،‬وفي نهاية المرحلة‬    ‫كانت روائية في معظمها‪ .‬عرفت‬
    ‫لجنة أذكر منها الكاتب فتحي‬                                           ‫أن هناك شيئًا اسمه قصة قصيرة‬
  ‫سلامة‪ ،‬وأحدهما قال في كلمته‬           ‫الجامعية تجمعت لدي كشاكيل‬         ‫في وقت متأخر من حياتي‪ ،‬ولعل‬
  ‫بحفل توزيع الجوائز إنه يتوقع‬
‫لكاتب القصة الفائزة أن يكون من‬                                                ‫هذا من أثر المناهج المدرسية‪،‬‬
                                                                              ‫فلم أعرف أن في عائلتنا أح ًدا‬
                                                                            ‫يقرأ أو يهتم بالقراءة‪ ،‬ومن ثم‬
                                                                          ‫كانت المدرسة هي أساس تكوين‬
                                                                         ‫الوعي‪ ،‬وبسبب الاستلاب الرجعي‬
                                                                          ‫للمناهج الدراسية كان الشعر في‬
                                                                         ‫الصدارة‪ ،‬ومن بعده الرواية أو ما‬
                                                                          ‫يشبهها بفضل الكتب التي تقص‬
                                                                            ‫سير أعلام ماضي شبه جزيرة‬
                                                                           ‫العرب المراد رجعيًّا أن يكون هو‬
                                                                           ‫المنطلق والغاية‪ ،‬وسقف التجربة‬

                                                                                                ‫البشرية‪.‬‬
                                                                                ‫وكنت في حيرة‪ ،‬أبحث عن‬
   238   239   240   241   242   243   244   245   246   247   248