Page 248 - merit 40 apr 2022
P. 248

‫العـدد ‪40‬‬                           ‫‪246‬‬

                                     ‫أبريل ‪٢٠٢2‬‬

 ‫بكثافة في المسابقات‪ ،‬يقلل فرص‬       ‫لي حكاية مع كل مسابقة شاركت‬             ‫نفسه‪ .‬وبفرض أننا في سياق‬
 ‫الفوز‪ .‬على أي حال أنوي وأنتوي‬           ‫فيها تقريبًا‪ .‬في إحداها أسجل‬       ‫مختلف‪ ،‬لدينا حداثة فعلية مثل‬
                                                                          ‫أوروبا‪ ،‬إذن لاختلف رأيي‪ .‬الدين‬
       ‫المشاركة في أقرب مسابقة‬       ‫بكل امتنان للكاتب الكبير إبراهيم‬        ‫تحول في مصر إلى عبء كبير‬
   ‫بمجموعتي القصصية‪« :‬نصف‬              ‫عبد المجيد أنه بعد ظهور نتيجة‬
                                                                               ‫وإعاقة عقلية‪ ،‬حيث النسخة‬
     ‫كيلو عدس أصفر»‪ .‬وتصور‬           ‫المسابقة‪ ،‬تواصل معي‪ ،‬ثم التقينا‪،‬‬     ‫السائدة منه رجعية وأيديولوجية‬
 ‫المفارقة لو فازت وهي مجموعتي‬         ‫وأسر لي أنه كان عض ًوا في لجنة‬     ‫ابتعلت كل شيء بجشع لا يشبع‪.‬‬
                                      ‫التحكيم‪ ،‬ورأى أن روايتي كانت‬        ‫حوار بسيط مع أي مجموعة من‬
       ‫الوحيدة بعد ست روايات‪.‬‬          ‫هي الأجدر بالجائزة‪ ،‬وامتدحها‬
‫أرغب في أن أكون كاتبًا جي ًدا لهذا‬    ‫كثي ًرا‪ ،‬لكن لجنة الجائزة كان لها‬    ‫المتعلمين‪ ،‬الانتلجنسيا المصرية‪،‬‬
‫أفعل ما يغلب على ظني أنه ينبغي‬       ‫رأي آخر لم يستطع أن يغيره‪ .‬في‬          ‫يكشف أننا في كارثة‪ ،‬ولا نملك‬
                                                                          ‫رفاهية الوقت‪ ،‬خاصة مع ضغط‬
   ‫على الكتاب الجيدين‪ .‬وظني أن‬          ‫مسابقة أخرى نشرت صحيفة‬            ‫الانفجار السكاني المدفوع بطاقة‬
  ‫الكاتب الجيد لا ينتظر الجوائز‪،‬‬      ‫روزاليوسف تحقيقيًا ذكرت فيه‬         ‫من القيم الدينية الرجعية المعطلة‬
                                       ‫أن روايتي مرشحة للفوز‪ ،‬لكن‬          ‫أي ًضا لمحاولات كبحه والسيطرة‬
      ‫لا يغتم بالخسارة ولا يغتر‬      ‫قيل إن الجائزة ستذهب هذا العام‬
   ‫بالربح‪ .‬لم أعلق أب ًدا على نتيجة‬  ‫لكاتب «عربي» يعني غير مصري‪،‬‬                                   ‫عليه‪.‬‬
  ‫أي مسابقة‪ ،‬سواء كنت مشار ًكا‬          ‫حر ًصا على طابع الجائزة‪ ،‬وقد‬
 ‫أم لا‪ .‬غالبًا يفوز المستحق بالفوز‬      ‫كان‪ .‬في مسابقة أقدم علمت أن‬       ‫الجوائز الأدبية والثقافية‬
    ‫من وجهة ما‪ ،‬طبيعة الحال أن‬                                           ‫بشكل عام‪ ،‬في مصر ودول‬
‫الناس مختلفون‪ ،‬والتفاضل الفني‬           ‫الناقد الكبير الطاهر مكي منح‬
   ‫لا يحدث بمعيار موضوعي بل‬          ‫روايتي درجة ‪( ٩‬وقيل ‪ ٩‬ونص)‬             ‫الوطن العربي‪ ،‬تحكمها‬
    ‫بمعايير خلافية‪ ،‬هناك عوامل‬                                             ‫سياقات متعددة بعضها‬
‫كثيرة تتحكم في كل الجوائز حتى‬             ‫من ‪ ،١٠‬لكن عضوي اللجنة‬
  ‫نوبل‪ ،‬ولا يمكن لكل المستحقين‬           ‫الآخرين منحاها ‪ ٤‬و ‪ ٥‬أو ‪٦‬‬            ‫خارج الأدب والثقافة‬
   ‫أن يفوزوا في كل مسابقة‪ ،‬إذن‬        ‫فقط من ‪ ،١٠‬وكان نظام الجائزة‬       ‫نفسيهما‪ ،‬كما أنها تصطبغ‬
                                      ‫احتساب الأقل من ‪ ٦‬صف ًرا‪ .‬كان‬
     ‫في كل مسابقة مستحقون لا‬         ‫هذا الشكل المدرسي هو المعتمد في‬           ‫كثي ًرا بلون الجهات‬
‫يفوزون‪ ،‬لأتفاءل أني منهم‪ ،‬وأني‬                                            ‫المانحة التي تشكل لجا ًنا‬
                                                 ‫تحكيم تلك المسابقة‪.‬‬        ‫تشبهها‪ ،‬كما أن بعضها‬
   ‫فقط لم يصبني الدور بعد‪ ،‬ولو‬             ‫قيل لي إن أعمالي ليست من‬
‫لم يحدث فلا بأس‪ ،‬كتاب كثيرون‬           ‫النوع الذي يربح الجوائز‪ ،‬رغم‬            ‫ُيمنح كمكافأة نهاية‬
                                         ‫حصولها على التقدير النقدي‪،‬‬       ‫الخدمة! بعد أكثر من ‪20‬‬
      ‫جيدون ج ًّدا لم يفوزوا بأي‬      ‫ربما لأن لها طاب ًعا يجعل الموقف‬
‫جائزة‪ ،‬ويحدث أن يفوز عمل غير‬          ‫منها حد ًّيا‪ ،‬إما مع أو ضد بنفس‬       ‫سنة في الكتابة الأدبية‬
‫جيد بجائزة مهمة‪ ،‬هنيئًا لصاحبه‪،‬‬        ‫القوة‪ ،‬لعله الاختلاف الذي جاء‬         ‫والثقافية ‪-‬المتميزة في‬
                                           ‫في سياق السؤال الأول من‬            ‫رأيي‪ ،-‬لماذا لم تظهر‬
   ‫هنيئًا جادة حقيقية وصافية لا‬        ‫هذا الحوار‪ .‬ولعلي ببساطة غير‬         ‫عناوين رواياتك ضمن‬
  ‫تكدرها شائبة سخرية أو تهكم‬           ‫محظوظ‪ .‬عمو ًما فقدت الحماس‬         ‫القوائم التي تعلن‪ ،‬ولماذا‬
                                       ‫في دخول المسابقات لمدة طويلة‪،‬‬          ‫لم تحصل على جائزة‬
     ‫لا سمح الله‪ ،‬هذه هي الحياة‬      ‫لي ثلاث روايات لم أشارك بها في‬          ‫محلية أو عربية حتى‬
   ‫ونحن نرضخ لحقائق وجودية‬           ‫أي مسابقة‪ ،‬وآخر رواية «صخرة‬
‫أشد بشاعة بكثير‪ ،‬المؤكد‪ ،‬والمفرح‬     ‫بيتهوفن» شاركت بها في مسابقة‬                            ‫الآن؟‬
‫دائ ًما أني إن عشت فسوف أكتب‪،‬‬         ‫وحيدة‪ ،‬ولم أربح‪ .‬عدم المشاركة‬
 ‫ولا يوجد ما يمنع فوزي بجائزة‬
 ‫ما ذات مساء؛ عندي خطط كثيرة‬
   ‫لإنفاق قيمة أي جائزة‪ ،‬الد َّيانة‬
   ‫بتوعي ينتظرون بفارغ الصبر‬
   243   244   245   246   247   248   249   250   251   252   253