Page 250 - merit 40 apr 2022
P. 250
فإنه أي ًضا ذو خصوصية لا العـدد 40 248
تتوفر لأي نص آخر ،هذه
أبريل ٢٠٢2 ُي َبيِّن جميع الحروف و ُيو ِّفيها
الخصوصية تجعلنا ونحن نقارب حقها من الإِشباع».
النص الكريم -حتى ولو كانت وتخفيفها بالق ْصر والتسكين،
مقاربتنا صامتة -إزاء مادة والاختلاس والبدل والإدغام فـ»الترتيل» هو القراءة المسموعة،
صوتية مسموعة بالفعل ،نتمكن الكبير ،وتخفيف الهمزة ونحو التي يلتقي فيها على نحو فريد
ذلك مما ص َّحت به الرواية ،مع
بها ومن خلالها من َت َب ُّين الدلالات مراعاة إقامة الإعراب وتقويم صوت الذات الإنسانية مع الدلالة،
والإيحاءات الخفيَّة التي تبعثها اللفظ ،وتم ُّكن الحروف بدون وهو يختلف باختلاف الق َّراء،
الحروف والمقاطع على اختلافها َب ْتر حروف الم ِّد ،واختلاس أكثر
نو ًعا وك ًّما ،كما تجعلنا قادرين الحركات ،وذهاب صوت الغنة وبناء على الكيفية التي تنطق بها
على ملامسة الدلالة وهي في والتفريط إلى غاية لا تصح بها الحروف تتنوع القراءة /الترتيل..
القراءة ،ولا توصف بها التلاوة. وقبل الكلام عن براح الترتيل من
حال من التحقق الذي به يتجسد
المعنى. النوع الثالث :ال َّت ْد ِوير المهم هنا أن نقف إزاء مستوى
ص َّحة الأداء ،ويضم -حسب
وإذا كان «السيوطي» يق ِّدم وص ًفا وفيه ُي َت َو َّس ُط القارئ بين التحقيق
موضوعيًّا للبنية الصوتية للنص وال َح ْدر ،وهو الذي ورد عن السيوطي -ثلاثة أنواع:
الكريم ،كما يحددها علم التجويد،
فإ َّن الإمام «بدر الدين الزركشي» أكثر الأئمة من مد المنفصل دون النوع الأول :ال َّت ْح ِقيق
إشباعه ،وهو المختار عند أكثر
ي َق ِّد ُم لنا مستوى أعلى ،يمكن أهل الأداء( .الإتقان في علوم وفيه يأخذ ك ُّل َح ْر ٍف حقه من
وصفه بـ(ما بعد علم التجويد) القرآن ،ج( )1ص)292 إشباع الم ِّد وتحقيق الهمزة
حيث يلتقي القارئ بالمقروء ،وعلى
َق ْد ِر ِع ْل ِم القارئ أو إدراكه وعلى نحن إذن إزاء ثلاثة مستويات من وإتمام الحركات واعتماد الإظهار
قدر صفائه النفسي وإخلاصه الترتيلُ ،يف ِّرق بينها الزمن الذي والتشديدات ،وبيان الحروف
«الروحي» تتحدد درج ُة اللقاء وتفكيكها ،وإخراج بعضها من
بينه وبين ما يقرأ .وهذا المزج بين يستغرقه أداء الصوت ،حيث يبدو
المادي والروحي أو الموضوعي في النوع الأول بطيئًا متمه ًل ،وفي بعض ،بال َّسكت والترتيل والتؤدة،
الثاني سري ًعا متحد ًرا ،وفي الثالث وملاحظة الجائز من الوقوف
بلا قصر ولا اختلاس ولا
متوس ًطا بين هذا وذاك.
لقد اعتنى علماء القرآن بالبنية إسكان مح َّرك ولا إدغامه؛ وهو
يكون لرياضة الألسن وتقويم
الصوتية الألفاظ .و ُي ْستح ٌّب الأخذ به على
للنص المتعلمين من غير أن يتجاوز فيه
الكريم إلى َح ِّد الإفراط بتوليد الحروف
من الحركات ،وتكرير الراءات،
وهي في
حال الأداء وتحريك السواكن وتطنين
الإنساني النونات بالمبالغة في الغنات ..وكذا
الح ِّي؛ يحترز من الفصل بين حروف
فمستوى الكلمات ،كمن يقف على التاء من
{نستعين} وقفة لطيفة ُم َّدعيًا أنه
المقاربة
هنا ،فوق يرتل.
أنه يشمل
النوع الثاني :ال َح ْدر
النص
برمته، وهو إدراج القراءة وسرعتها