Page 255 - merit 40 apr 2022
P. 255

‫‪253‬‬  ‫ثقافات وفنون‬

     ‫فنون‬

‫إبراهيم النبي في تصديقه لوعد‬                                                                                                       ‫الديانة الرسمية لمصر في القرن‬
‫الرب بأنه سيكون له وارث «و َقا َل‬                                                                                                  ‫الرابع الميلادي‪ ،‬بدأت الكثير من‬
‫َل ُه‪ :‬ه َك َذا َي ُكو ُن َن ْسلُ َك‪َ .‬فآ َم َن ِبال َّر ِّب‬                                                                      ‫الموضوعات تظهر باسلوب يبتعد‬
 ‫َف َح ِس َب ُه َل ُه ِب ًّرا» (تك ‪.)6 -5 :15‬‬                                                                                     ‫تدريجيًّا عن الموضوعات الوثنية‬
‫ولم يكن الله لإبراهيم الإله الواحد‬                                                                                                 ‫المزركشة بموضوعات متأغرقة‪،‬‬

‫فحسب بل كانت لإبراهيم معه‬                                                                                                            ‫والمشاهد الأسطورية‪ ،‬لتصبح‬
                                                                                                                                  ‫معظم الأعمال ذات مغزى رمزي‬
‫علاقة شخصية‪ ،‬ولذلك نال لقب‬                                                                                                        ‫جديد‪ ،‬إذا اتجه الفنان القبطي إلى‬

‫خليل الله‪ .‬كما أن الله أعلن ذاته‬                                                                                                    ‫اقتباس موضوعات من الكتاب‬
                                                                                                                                   ‫المقدس بعهديه القديم والجديد‪.‬‬
‫لإبراهيم في الرؤى والاحلام‬
                                                                                                                                      ‫على أية حال‪ ،‬انتشر تصوير‬
‫«صار كلام الرب إلى إبرام في‬                                                                                                             ‫العديد من قديسي الكتاب‬
‫الرؤيا قائ ًل‪ :‬لا تخف يا إبرآم‪ ،‬أنا‬
                                                                                                                                    ‫المقدس مع الحيوانات والطيور‬
‫ترس لك» (تك ‪ ،)1 :15‬فكان يظهر‬                                                                                                      ‫في الفن القبطي‪ .‬فهذا النوع من‬
‫له في شكل إنسان « َو َظ َه َر َل ُه ال َّر ُّب‬                                                                                     ‫الفن له أهمية بالغة حيث يتميز‬
‫َاب ْللُّ َوخ َْيط َام ِةِت َوَمْق ْم َ َترا َ َحو ِّرُه َاولنَّ ََهجاالِِر»ٌس(تِفك‬  ‫ِع ْن َد‬
                                                                                     ‫َبا ِب‬                                          ‫بتنوعه واحتلاله مكانة كبيرة‬
‫‪ .)1 :18‬أو في شكل ملاك «فناداه‬                                                                                                      ‫بين الأوساط المسيحية وغيرها‬
                                                                                                                                    ‫كنوع من آثار القديسين‪ .‬وهذا‬
‫ملاك الرب من السماء وقال‪:‬‬                                                                                                        ‫المقال دعوة لإحياء وتكرار مناظر‬
                                                                                                                                  ‫تصوير القديسين مع الحيوانات‬
‫إبراهيم‪ ،‬إبراهيم‪ ،‬فقال‪ :‬هانذا»‬                                                                     ‫كبش وراءه ممس ًكا في الغابة‬
                                                                                                  ‫بقرنيه‪ .‬فأخذ الكبش وأصعده‬               ‫والطيور على الجداريات‬
     ‫(تك ‪.)11 :24‬‬                                                                                                                             ‫والأيقونات القبطية‪.‬‬
                                                                                                     ‫محرقة عو ًضا عن ابنه (تك‬
‫‪ -2‬الأسد مع‬                                                                                       ‫‪ .)13 -1 :22‬فهو يرمز للسيد‬       ‫ومن الجدير بالذكر أن الكنيسة‬
‫دانيال النبي‪:‬‬                                                                                    ‫المسيح باعتباره الأضحية التي‬           ‫القبطية تحتفظ بالعديد من‬
                                                                                                 ‫حلت مكان إسحق‪ ،‬فمثلما حمل‬
  ‫يجسد الأسود التي كانت معه‬                                                                    ‫إسحق الحطب حمل السيد المسيح‬          ‫الجداريات والأيقونات القبطية‬
‫في جب الأسود كما ورد في سفر‬                                                                    ‫الصليب‪ ،‬وكما قدم إبراهيم النبي‬     ‫للقديسين‪ ،‬التي تصور لنا العديد‬
 ‫دانيال حيث ذكر قائ ًل‪ِ « :‬حي َنئِ ٍذ‬                                                             ‫ابنه وحيده كذلك قدم الله ابنه‬
                                                                                                   ‫لكي يخلص كل من يؤمن به‪،‬‬          ‫منهم ممثلين مع الحيوانات أو‬
  ‫َأ َوَم ََطر َرا ْ َُلحلِوُك ُه َف َِأف ْح ُجَض ِّبُر اولا ُأ َدُاس ِنوي ِآد َ»ل (دا‬           ‫واستبدال إسحق بالكبش يرمز‬            ‫الطيور‪ ،‬وهو أسلوب حرص‬
 ‫‪ .)16 :6‬كما أنه رمز للشجاعة‪،‬‬
‫فهو يرمز لشجاعة دانيال النبي‬                                                                        ‫إلى استبدال البشرية بالسيد‬    ‫الفنان القبطي على إبرازه استنا ًدا‬
  ‫الذي نجده رغم وجوده وسط‬                                                                       ‫المسيح «الذى لم يشفق على ابنه‪،‬‬     ‫إلى رموز عقائدية وثقافية نابعة‬
‫الأسود يصلي لله واث ًقا في قدرته‬                                                                                                   ‫من التراث الثقافي القبطي‪ .‬ومن‬
  ‫على إنقاذه مهما احاطت به من‬                                                                      ‫بل بذله لأجلنا أجمعين‪ ،‬كيف‬
                                                                                                   ‫لا يهبنا أي ًضا معه كل شىء»‬                        ‫أمثلة ذلك‪:‬‬
                     ‫الإخطار‪.‬‬                                                                   ‫(رو ‪ ،)32 :8‬ومثلما كان الكبش‬
                                                                                                  ‫مربو ًطا في الشجرة تم تسمير‬          ‫‪ -1‬الكبش مع‬
‫‪ -3‬الحوت مع‬                                                                                     ‫السيد المسيح على عود الصليب‪،‬‬          ‫إبراهيم النبي‪:‬‬
‫يونان النبي‪:‬‬                                                                                    ‫فقد كانت تضحية إبراهيم ترمز‬
                                                                                               ‫للنجاة من الخطية‪ .‬ولكون الكبش‬        ‫يجسد الكبش الذي أرسله الله‬
‫يجسد الحوت الذي أبتلعه كما‬                                                                       ‫يرمز للقداسة‪ ،‬فقد رمز لقداسة‬    ‫لإبراهيم ليقدمه عو ًضا عن إسحق‬

                                                                                                                                   ‫«فرفع إبراهيم عينيه ونظر وإذا‬
   250   251   252   253   254   255   256   257   258   259   260