Page 42 - merit 40 apr 2022
P. 42
العـدد 40 40
أبريل ٢٠٢2
والمؤانسة؛ الأولى لسوفوكليس ،والثانية لأفلاطون البلاغة للفلسفة ،يقول ناصف« :المتأمل في كتاب
«قال سوفوكليس إن الذي لا يعلم أن له حياة غير الإشارات يستطيع أن يستخلص نو ًعا من طموح
الحياة الطبيعية شقي ،ذلك أن هذه الحياة الطبيعية العظة والمناجاة ..حاول أبو حيان أن يتعمق المناجاة
شبيهة بالظل الزائل ،والنبات السريع الجفوف، ويخرج بها عن مألوفها ،وأن يعطي لها طاب ًعا
وبقاء صاحبها على الأرض قليل ،يسير سيرة ذاتيًّا ..كان يرى -في لحظة ما -أن البلاغة إذا
البهائم ،فأما الذي يعلم أنه له مع ذلك حياة نفسية أُحسن فهمها تستطيع أن تناوئ الفلسفة»(.)41
يغذوها بالنطق فإنه غير مائت ..قال أفلاطون لتكن ومناوءة البلاغة للفلسفة هنا –فيما أرى -قرين
مبادرتكم إلى الخروج من الوليمة إلى بيتك .هذا مثل تمحيص الفهم القائل بأن البلاغة في جذرها مأخوذ
صحيح ولو قال لتكن مبادرتك إلى الخروج من من الوصول والانتهاء ،ومراعاة أحوال المخاطبين،
الدنيا كمبادرتكم إلى الخروج من السجن إلى أحبتكم ليحل الجدل الذاتي والمكاشفة والحركة والتفاعل
في الجنان الملتفة والحدائق المنمقة لكان أبلغ وفي محلها ،البلاغة إذن ضرب من ضروب قوة الحقيقة
الخالية من أسلوب المصانعة والطلاء ،والركون
الحقيقة أوغل»(.)43 لمعايير الفصاحة ،بلاغة النثر بلاغة إحراق من أجل
النفاذ إلى عالم ملتبس هو بلاغة النثر العربي، البناء والإنبات .بلاغة النثر بلاغة ثانية قوامها
الحوار والتفاعل بين الدوال ،حوار بين روح المرح
البحث في عناصر الكون الملتبسة عن طريق والحس ممثلة فيما هو أدبي وصوت العقل بما هو
المساءلة والاشتباه ومزج العقلي بالحسي ،والمتخيل فلسفي ،هذا درس من دروس المحاورات ،ومراجعة
بالواقعي ،بروح تتعلق بالجدل الفعال ،دون تغليب كتاب الإشارات لأبي حيان التوحيدي ،الذي ينقل
لنا ناصف دعوته للتفاعل بين ما هو أدبي وفلسفي،
وجه على وجه« .إن الذين يستهويهم الجدل يجب يقول ناصف «وفي مواقف واضحة يقول أبو حيان
أن يتفهموا طبيعة الأفكار تفهما أفضل .إن الجدل وكن من أصحاب البلاغة والإنشاء في جانب ،فإن
قد ينشأ لأسباب متعددة ،بعض الناس يعتمدون صناعتهم تفتقر فيها أشياء يؤاخذ بها غيرهم ..كان
أبو حيان متوقد الضمير ينكر معاملة اللغة معاملة
على القدح ،وبعضهم يعتمدون على التلاقح، الزخرف ..قال أبو حيان إن الصناعة البيانية تجافي
وبعضهم يعتمدون على اللسان ،وأيا كان الأسلوب التعقل والتميز ..كان يرى الفلاسفة مشغوفين
الذي ننهجه ،فإن التفاعل هو تمام الأسلوب»(.)44 بما يسميه العقل ،وطبيعي أن يحتدم الخصام بين
ولا عجب إذن أن نرى ناصف يستوقفنا على عبارة الحس والعقل ،ربما طمح أبو حيان إلى التأليف
لأبي حيان التوحيدي يقول فيها« :إن النفوس بينهما حر ًصا
تتقادح ،والعقول تتلاقح ،والألسنة تتفاتح»(،)45 على الوئام
يؤول ناصف القدح المتعلق بالنفس بالنار يسعى
والنفاذ»(.)42
النفاذ إلى العالم
غاية أبي حيان،
وغاية البلاغة
التي يروج لها
ناصف ،ينقل لنا
ناصف مقولتين
استشهد بهما
أبو حيان
في الإمتاع