Page 126 - ميريت الثقافية العدد 30- يونيو 2021
P. 126
العـدد 30 124
يونيو ٢٠٢1 د.محمد صلاح زيد
سؤال الهوية واغتراب الذات..
في ديوان «مقهى لا يعرفه أحد»
نقد لحياة الإنسان المعاصر المشوش ،ورص ًدا لتلك تقديم
المتناقضات والتشوهات التي أصابته ،والوقوف
يقدم ديوان «مقهى لا يعرفه أحد» للشاعرة «زيزي
أمام الطابع الروحي والنفسي للشخصية الإنسانية
المعاصرة المأزومة ،لقد جاء هذا كله داخل نصوص شوشة»( )1حكايات شعرية متعددة ،متمايزة
الديوان بأعلى درجة من الفنية ،عن طريق الحكايات ومتقاطعة في آ ٍن ،فتقدم لنا الشاعرة عبر ست وثلاثين
الشعرية المركبة غير المباشرة التي تتضمنها الكتابة
قصيدة مسار حياة غائبة وهائمة للذات الشاعرة
الشعرية الجديدة. تبحث خلالها عن بقايا الذات المغتربة داخل الحياة
وخارجها ،وداخل الذات عينها ،تحاول أن ترمم ما
خصوصية النص وبنية الحكاية الشعرية تبقى من حطامها ،عبر طرح سؤال الهوية الباحث في
ماهية الغياب والحضور ،والذي يبدو أحيا ًنا سؤا ًل بلا
إن ديوان «مقهى لا يعرفه أحد» ذو خصوصية فنية جدوى .تحاول عبر هذه القصائد الشعرية البديعة أن
وأدبية كبيرة ،وذلك ليس فقط لتميز كاتبته من الناحية تكشف تجارب ذاتية للذات الشاعرة شديدة الصدق
والحياتية ما بين الألم والضعف ،ويقين القدرة على
التقنية الكتابية والشاعرية الحقيقية ،ولكن -أي ًضا- المواصلة .لقد تقمصت الذات الشاعرة ذوات إنسانية
لأنها نفسها قد أصبحت عبر نصوص الديوان أكثر عدة أدخلت القارئ في دائرة يدور فيها حول نفسه،
وعيًا وفه ًما لمسار الحياة؛ لتنقل إلينا عبر نصوصه محاو ًل فهم طبيعة هذه الذوات الإنسانية وحقيقتها،
متاهة سؤال الهوية واغتراب الذات عن عالم يبقى فيه ومن ثم يقف أمام هذه الافتراضات متأم ًل حركة
الضعف والغياب والاغتراب والانتهاك حاض ًرا بقوة الصورة والحكايات الشعرية المتقاطعة فيها .إنها
كتابة شعرية افتراضية احتمالية ،تعكس نقلة حقيقية
داخل كل سراديب الذات السوداء. في تطور القصيدة النسوية المصرية الجديدة شك ًل
ويقينيات الذات الشاعرة تلك شديدة البساطة
والحضور للدرجة التي تجعلنا ننساها وسط صخب ومضمو ًنا إن جازت التسمية منهجيًّا ،أو فلنقل
الحياة ،وعلى قدر بساطتها وحضورها وعلى قدر ما القصيدة الحداثية ،وهي كذلك تسعى إلى تقديم
نستشفها منذ البداية بفطرتنا ،على قدر ما تتوه منا