Page 127 - ميريت الثقافية العدد 30- يونيو 2021
P. 127
نون النسوة 1 2 5 وسط الطريق و ُنكمل الرحلة في محاولة استعادة ما
كان معنا بالفعل!
حيث الإخلاص يكمن في الخطر ،حين يكون باعثًا
على الآلام والانتهاك واستنزاف الروح ،ومن خلال تقول في قصيدة «حفيدة نيتشه»:
ذلك التحديد يتشكل بداخل الذات الشاعرة /بداخلنا «أنا جديرة بالموت
سؤا ٌل عمي ٌق عن من يحدد الطريق :هل الحياة هي من
تحددنا؟ أم نح ُن من ُن َح َّددها؟ ما الخير؟ ما الشر؟ أعضائي كلها مؤهلة له
بسهولة يمكن تحويلي
إن الطريقة التي يتم بها استكشاف مناطق الألم
الإنساني والتعامل معه بكل تناقضاتنا البشرية إلى كومة من تراب
التي نراها في حياتنا داخل نصوص الديوان تؤكد أنا حفيدة «نيتشه»
على براعة الشاعرة في الدخول في أعماق التجربة (مثله تما ًما حملت جثتي،
الإنسانية ،حيث نجد هنا داخل قصيدة «طرق لم كي أدفنها في أرض بعيدة.
تغيرها أقدام السائرين» الذات الشاعرة تحاول احتفلت بالكراهية
الهروب من تلك الآلام ،لأن مواجهتها صعبة بالفعل،
تتشكك حينًا في بعض مبادئها الحياتية ،وتسخر حينًا ولم أدع المحبة)
آخر مما تؤمن به ،ولكن في النهاية تصل لحتمية ورغم أنني أعرف أن «في الإخلاص
المواجهة والموت الذي يفتح أبوا ًبا أخرى للحياة نكون
فيها نحن بعدما لامس الألم جز ًءا من روحنا فن َّقاها. يكمن الخطر»
فأنا صديقة مخلصة لـ»نيكانور بارا»
تقول:
«ليس لي ماض (كل مساء أخربش معه
ولا أستطيع أن أضع قدمي، جدران الموتى
في أيام مظلمة وأكلم الموتى)
لا قاع لها جئت إلى الحياة كي أصنع موتي
سأحتسي الليل البارد، روحي لحم ودم وعظام
وأطفئ النهار بحفنة من التراب رأسي ثمرة معطوبة
يداي ورقتان يابستان
ثم أقف ثابتة ساقاي جذعا شجرة
لأحدثكم عني جثة بيضاء سأكون
طوال حياتي لم أعرف
أعرف: ما الخير؟ ما الشر؟
هوا ًء ثابتًا لكنني عرفت الحزن
طر ًقا لم تغيرها أقدام السائرين عرفته
حز ًنا يخرج من حقيبتي تحت سقف بيتنا البعيد
وملابسي التي ترفض السقوط، (كنت أحدق فيه
رغم أنها لا تعرفني بما يكفي إلى أن صار نقطة سوداء
أعرف رج ًل أصيب بالعمى، في عين الشمس)
من كثرة تحديقه في العالم عرفته
وامرأة يزورها الموت كل ليلة في الأصوات المشروخة
ولا يتركها دون أن ينتزع في تلويحة امرأة
خصلة من شعرها ارتدت الزمن ذات صباح
وحين تصحو ثم هربت
تخرج الحياة من ثوبها
كرغيف ساخن لتركض وراء الأبدية» ص.11 :9
أعرف جي ًدا ف ُمن ُذ البداية ُتحدد لنا «زيزي شوشة» على لسان الذات
الصمت الذي يغلق الأبواب
والجوع الذي يزحف في الطرقات الشاعرة طريق السلامة الذي يكمن في الهروب من
الحياة إلى الخلاص والفناء الذي لا يحمل معرفة ولا
ألمًا ولا حضو ًرا ،وطريق الندامة الذي ليس له وجود،