Page 187 - ميريت الثقافية العدد 30- يونيو 2021
P. 187

‫‪185‬‬  ‫الملف الثقـافي‬

     ‫تحصين الدين من النقد‬        ‫التحرش موجود في كل‬            ‫محمد داود‬‫المسألة هي دفاع المتدين بطبعه‬
 ‫والمساءلة‪ ،‬ومع كل واقعة في‬                                         ‫عن متحرش بطبعه!!‬
 ‫كل ظاهرة‪ ،‬تتكرر ذات نفس‬          ‫حتة في الدنيا‪ ،‬القتل كمان‪،‬‬
‫الاشتغالات‪ ،‬المهم نفضل بعيد‬        ‫السرقة‪ ،‬معظم الجرايم أو‬
                                    ‫كلها كده‪ ،‬وجوه المجتمع‬
          ‫عن جدور المشكلة‪.‬‬       ‫الواحد مش كل جريمة قتل‬
‫كل ظواهر الاجتماع البشري‬        ‫مث ًل زي غيرها لا في الدوافع‬
                                   ‫ولا التفاصيل‪ ،‬بالمثل وعلى‬
   ‫منسوبة للإنسان‪ ،‬ووراها‬        ‫مستوى الجماعات البشرية‬
  ‫عوامل كتير هنا في الأرض؛‬      ‫المختلفة‪ ،‬مش كل ظاهرة زي‬
 ‫مفيش حاجة بتنزل دليفري‬         ‫التانية في تفاصيلها‪ ،‬وبالذات‬
  ‫من السما‪ ،‬ولا حاجة وراها‬
                                     ‫في دوافعها أو منشأها‪.‬‬
   ‫سبب أو عامل واحد بس‪،‬‬                 ‫ده أول ما نبدي بيه‬
  ‫والمهم مش كله زي بعضه‪،‬‬
                                     ‫القول عن التحرش؛ لأن‬
    ‫محتمل فيه عامل أو أكتر‬          ‫الزعم إنه ظاهرة إنسانية‬
  ‫من المشترك الإنساني؛ بس‬          ‫عامة؛ «بتحصل في أحسن‬
   ‫بقية العوامل هتختلف من‬          ‫المجتمعات»‪ ،‬هو غالبًا أول‬
  ‫مكان للتاني‪ ،‬من هنا مؤكد‬         ‫قول من الناس اللي عندها‬
  ‫التحرش في مصر مش زي‬                ‫حمو جوف ديني‪ ،‬يعني‬
                                   ‫ُحشاشة جوانية دينية‪ ،‬لا‬
     ‫أمريكا‪ ،‬مش زي جنوب‬         ‫واعية غالبًا‪ ،‬غرضها الحقيقي‬
       ‫إفريقيا‪ ،‬ولا اليابان أو‬      ‫إبعاد الشبهة عن الأصل‬
   ‫هندوراس‪ .‬التحرش عندنا‬            ‫الديني للتحرش في بلدنا‪.‬‬
‫له خصوصية الهيمنة المطلقة‬          ‫الاتجاه ده عام مع ظواهر‬
  ‫لمفاهيم دينية يعني منسوبة‬        ‫كتير عندنا بهدف التعمية‬
‫للسما؛ لله وللرسول‪ ،‬انفردت‬      ‫عن ‪-‬والتعتيم على‪ -‬جدورها‬
     ‫بالعقل والحياة في مصر‬         ‫الدينية الممتدة لامتصاص‬
                                 ‫أبوال الإبل من أعماق رمال‬
              ‫قرون طويلة‪.‬‬          ‫ماضي الصحراء العربية‪،‬‬
    ‫وده كله لو ما قلناش إن‬           ‫عشان كده قلنا على هذا‬
  ‫الخطأ لا يبرر بخطأ‪ ،‬يعني‬       ‫الاتجاه «نظرية ال ُحشاشة»‪،‬‬
‫أص ًل وأسا ًسا مجرد حصول‬         ‫والقصد مجموعة ممارسات‬
  ‫شر «في أحسن المجتمعات»‬           ‫ومواقف ومقولات ‪-‬قول‬
 ‫مش كافي لقبول أو تبرير أو‬      ‫اشتغالات‪ -‬وراها ال ُحشاشة‬
  ‫التهوين من حصوله عندنا‪.‬‬            ‫الدينية‪ ،‬الحتة اللي جوة‪،‬‬
   ‫ومؤخ ًرا ضمن سلسة من‬         ‫العاطفة الموهوجة والمستخبية‬
    ‫الوقائع المؤسفة صورت‬        ‫زي جمرة مدفون في الرماد‪،‬‬
    ‫كاميرات المراقبة شخص‬            ‫الاشتغالات دي ظاهرها‬
‫استدرج طفلة وبدأ في انتهاك‬
     ‫طفولتها بشكل بشع في‬             ‫العقل والمنطق‪ ،‬وباطنها‬
    ‫مدخل عمارة في المعادي‪،‬‬       ‫لاعقلاني؛ غرضها الحقيقي‬
   ‫لولا تدخل سيدة شجاعة‪.‬‬
   ‫هنا المسألة عدت التحرش‬
   182   183   184   185   186   187   188   189   190   191   192