Page 202 - ميريت الثقافية العدد 30- يونيو 2021
P. 202

‫العـدد ‪30‬‬                            ‫‪200‬‬

                               ‫يونيو ‪٢٠٢1‬‬                                   ‫والاستدراج‪.‬‬

   ‫من هنا‪ ،‬نفهم سر «طلب‬                 ‫(‪)4‬‬                           ‫(‪)3‬‬
  ‫الستر» لبيدوفيلي «جريمة‬
   ‫المعادي»‪ ،‬نتيجة قوة هذا‬          ‫الملاحظ أن معظم أمثلة‬         ‫إذن للغلمانية تمظهرات‬
‫الإرث‪ ،‬والتبرير بعدم فضح‬        ‫الغلمانية ‪-‬قدي ًما وحديثًا‪-‬‬     ‫عدة‪ ،‬تب ًعا لموضوعها‪ :‬هل‬
 ‫«المسلم» أو مراعاة مشاعر‬       ‫محورها فاعل ذكر‪ ،‬وناد ًرا‬      ‫هو صبي أم صبية‪ ،‬وتب ًعا‬
                                ‫ما نعثر على مرويات تشير‬          ‫لقبول الطرفين للعلاقة‪،‬‬
                    ‫أسرته‪.‬‬     ‫إلى تغزل النساء الناضجات‬        ‫أو إكراه الجاني للضحية‪.‬‬
     ‫إنها نظرة لا تقيم وز ًنا‬  ‫في «أطفال» بدافع الاشتهاء‪.‬‬
 ‫كبي ًرا لمشاعر «الطفل» الذي‬                                      ‫وهل تقع بصك قانوني‬
  ‫لم يدخل المجتمع بعد‪ ،‬ولم‬           ‫في الحكاية الثالثة من‬        ‫أو بمباركة فتوى دينية‬
  ‫يصبح له «كيان» اجتمعي‬           ‫كتاب «رجوع الشيخ إلى‬          ‫في حال الضحايا الإناث‪،‬‬
  ‫معتبر‪ ،‬ظنًا أنه سينسى ما‬      ‫صباه» تقول بطلة الحكاية‪:‬‬         ‫أم بالتخويف والترغيب‬
‫وقع له من أضرار جسمانية‬                                         ‫في حال الضحايا الذكور؟‬
                                     ‫«كنت أعشق خلق الله‬       ‫وأخي ًرا مدى اتساع الفجوة‬
                  ‫ونفسية‪.‬‬        ‫تعالى للمردان (الصبيان)‬           ‫العمرية بين الطرفين‪.‬‬
       ‫وخلال التحقيق معه‬         ‫وكن ُت أنفق عليهم النفقات‬
       ‫استعرض «بيدوفيلي‬        ‫الكثيرة وأكسوهم الكساوي‬              ‫إن التبرير الأخلاقي‪،‬‬
 ‫المعادي» هذا الإرث‪ ،‬معتب ًرا‬     ‫الجميلة»‪ ،‬إلى أنها أقنعتها‬  ‫والتسويغ الشرعي‪ ،‬بمثابة‬
  ‫ما جرى «وزة الشيطان»‪،‬‬
      ‫ومشي ًرا إلى أن الطفلة‬       ‫جارتها بالتخلي عن هذا‬        ‫تكريس اجتماعي‪ ،‬للرغبة‬
       ‫«الضحية» هي «التي‬        ‫العشق ورشحت لها أخاها‬           ‫العمياء والمندفعة من قبل‬
  ‫راودته» بمداعبته في مكان‬                                       ‫ذكور تجاه «الغلمانية»‪.‬‬
  ‫حساس‪ .‬وكأنه المغرر به‪.‬‬          ‫الناضج المجرب‪ ،‬وعندما‬       ‫بمعنى أن النصوص أباحت‬
   ‫كثير من الرجال يرتدون‬        ‫سألتها عن رأيها‪ ،‬في نهاية‬
   ‫بسهولة «ثوب الضحية»‬                                            ‫أو «قننت» رغبة بدائية‬
   ‫للإفلات من العقاب‪ ،‬فمن‬         ‫الحكاية قالت‪« :‬لا عاشت‬         ‫قائمة منذ آلاف السنين‪.‬‬
      ‫يخرج عضوه لفتاة في‬                 ‫المردان ولا بقوا»!‬       ‫هذه الرغبة المندفعة إلى‬
     ‫قطار‪ ،‬سيبرر ذلك بأن‬
‫ملابسها «الخليعة» هي التي‬           ‫ربما تلك من الإشارات‬           ‫موضوعها‪ ،‬لا تحركها‬
                                ‫النادرة‪ ،‬أن يكون «الفاعل»‬            ‫النصوص ‪-‬المُجيزة‬
            ‫دفعته إلى ذلك‪.‬‬
     ‫فهي آلية ثابتة‪ ،‬يتحول‬          ‫في العلاقة البيدوفيلية‪،‬‬       ‫أو المانعة‪ -‬بل تحركها‬
‫الجاني بموجبها إلى ضحية‪،‬‬            ‫امرأة‪ ،‬مع ذلك سرعان‬           ‫«المقبولية» البيولوجية‪،‬‬
‫ينال التعاطف‪ ،‬و ُيلقى باللوم‬         ‫ما تراجعت ‪-‬في نهاية‬      ‫والاستثارة الحسية‪ ،‬بمعنى‬
      ‫على الضحية الحقيقية‬         ‫الحكاية‪ -‬عن طلب المتعة‬           ‫أن الفاعل‪ ،‬يرى جسد‬
    ‫المرأة‪ /‬الطفلة‪ ،‬بوصفها‬      ‫مع الغلمان‪ .‬عل ًما بأنها على‬    ‫المفعول به‪ ،‬قاب ًل للإثارة‬
‫الجانية‪ ،‬والمحرضة‪ .‬فمجمل‬         ‫الأرجح تضاجع مراهقين‬
  ‫التراث الإنساني قائم على‬      ‫مكتملي الذكورة‪ ،‬وإن كانوا‬               ‫وتفريغ الشهوة‪.‬‬
 ‫أن النساء حبائل الشيطان‪.‬‬                                         ‫إن هذا «الإرث المتجدد»‬
  ‫وإلقاء التبعية على الطرف‬               ‫في نصف عمرها‪.‬‬
 ‫الأضعف دائ ًما‪ ،‬لأن المنطق‬       ‫أي أن «البيدوفيلي» عادة‬          ‫قائم على المقبولية من‬
   ‫الذكوري ‪-‬مهما تهافت‪-‬‬           ‫هو رجل ذكر‪ ،‬في ضعف‬            ‫وجهة نظر الجاني‪ ،‬أعني‬
                               ‫عمر «الضحية»‪ ،‬ولديه إرث‬
                               ‫ونصوص مقدسة ومرويات‬                 ‫شعور‪ ،‬ورغبة‪ ،‬ووعي‬
                                 ‫وأعراف ‪-‬وربما قوانين‪-‬‬        ‫الفاعل باشتهاء هذا الجسد‬
                                 ‫تمنحه حق هذا التوجه أو‬
                                                                                ‫الطفولي‪.‬‬
                                         ‫تعفيه من تبعاته‪.‬‬
   197   198   199   200   201   202   203   204   205   206   207