Page 207 - ميريت الثقافية العدد 30- يونيو 2021
P. 207

‫قبل التطرق للإبداع والعلاقة التبادلية‬                         ‫للبنات طيلة الوقت هي الكيفية‬
      ‫الوثيقة بينه وبين المجتمع ومحاولة‬                                  ‫التي يجب أن يكن عليها‪،‬‬

         ‫الوقوف على درجة تأثير كل منهما‬                             ‫وتشتمل هذه الرسالة على كل‬
      ‫في الأخر‪ ،‬ينبغي أن نسأل‪ ،‬لماذا يطال‬                           ‫ما هو خاص بالنمط الأنثوي‪،‬‬
 ‫التهميش المرأة أكثر من الرجل؟ وما الذي‬                              ‫فمفهوم الأنوثة ينطوي دائ ًما‬
‫أقرته الأبحاث حول الذكر والأنثي والاختلاف‬
  ‫بينهما نفس ًّيا وجسد ًّيا؟ وما هي الرسالة‬                           ‫على فكرة الاستسلام‪ ،‬بينما‬
     ‫الثقافية الموجهة للإناث والتي تشكل‬                             ‫الخصائص الإيجابية هي التي‬

         ‫وعيهن وسلوكهن طيلة الوقت؟!!‬                                              ‫تميز الرجولة‪.‬‬
                                                                        ‫فالبنت يجب أن تتعلم أن‬
     ‫المرأة الأخرى التي تعمل‬           ‫ترزخ تحته المرأة‪ ،‬وبالرغم‬      ‫تخرس قواها وتفردها‪ ،‬وأن‬
‫بضراوة ضد نموها الإنساني‬                 ‫من أن محاولات مساواة‬           ‫تلجم احتياجاتها النفسية‬
                                         ‫الرجل بالمرأة منذ دعاوي‬    ‫والعاطفية والبيولوجية‪ ،‬بينما‬
      ‫والعصري والحضاري‬                                              ‫يطلق الرجل العنان لكل شىء‪،‬‬
   ‫والتي تنتمي لثقافة الذكور‬          ‫قاسم أمين في بدايات القرن‬          ‫تتعلم البنت أن تستجيب‬
 ‫المهيمنة والتي تمثل في الكثير‬      ‫العشرين وحتي الآن من ناحية‬        ‫للعالم بأسلوب عاطفي خال‬
   ‫من الأحيان عائ ًقا أكبر من‬                                         ‫من التنافس‪ ،‬ولا تكف طيلة‬
  ‫الذي يمثله الذكور أنفسهم‪،‬‬              ‫التعليم والثقافة والرعاية‬   ‫الوقت عن إظهار كونها المرأة‬
                                     ‫الصحية والمشاركة السياسية‬         ‫التي يتمناها الرجل‪ :‬طيبة‪،‬‬
     ‫ويرفضن استقلال المرأة‬            ‫ومساندتها لتخفف من أعباء‬      ‫مرنة‪ ،‬ناعمة‪ ،‬سلوكها الأنثوي‬
    ‫وحملها عنوة على الصمت‬            ‫الأسرة‪ ،‬فإنه عليها أن تتحمل‬     ‫متوافق مع المعايير في الثقافة‬
     ‫بدعوى إطلاق قيم العفة‬            ‫تبعاتها وكأنها ماكينة أخرى‬
‫والالتزام الخلقي والديني على‬        ‫داخل البيت لتكفر عن خروجها‬                        ‫السائدة‪.‬‬
 ‫علاتها‪ ،‬فالقيم خطورتها كما‬           ‫للعمل أمام العادات والتقاليد‬    ‫إن المرأة توصف في ثقافتنا‬
  ‫تشير الدكتورة فوزية دياب‬                                            ‫دو ًما بكونها غير متماسكة‪،‬‬
    ‫أنها مهملة إهما ًل تا ًّما من‬     ‫التي تدينها حال أي تقصير‬
  ‫علماء الدراسات الاجتماعية‬          ‫تجاه بيتها وأولادها وزوجها‪،‬‬        ‫غير متزنة عاطفيًّا‪ ،‬تفتقر‬
                                                                       ‫إلى رباطة الجأش‪ ،‬وليست‬
     ‫لصعوبة دراستها علميًّا‬            ‫لتتحول مع الوقت إلى امرأة‬        ‫ذكية ولا منتجة بالقدرين‬
   ‫وانعدام القدرة على قياسها‬        ‫مملة ومنهكة وتعيسة وجاهلة‪،‬‬       ‫الكافيين‪ ،‬فالمرأة الطبيعية على‬
   ‫على حسب وصف الدكتور‬                                                ‫الإطلاق هنا في ثقافتنا‪ ،‬هي‬
 ‫الأهواني لأنها إنسانية وغير‬             ‫فعمل المرأة في مجتمعاتنا‬    ‫المناسبة للبيت والأسرة فقط‪،‬‬
   ‫محددة‪ ،‬مما قد ينتج واق ًعا‬        ‫الشرقية خارج بيتها لم يعفها‬     ‫وهو المكان الطبيعي لها الذي‬
‫فوضو ًّيا وم ًّرا وعني ًفا في غياب‬                                  ‫ستصبح فيه معززة ومحبوبة‬
    ‫القانون والوعي والسلوك‬                ‫من أي مسؤولية وأوجد‬           ‫من الجميع وسعيدة‪ ،‬فمن‬
                                       ‫احسا ًسا خفيًّا بالذنب تجاه‬    ‫متطلبات الأنوثة تهب المرأة‬
                  ‫المتحضر‪.‬‬            ‫بيتها وأطفالها‪ ،‬ومن الغريب‬    ‫حياتها للحب‪ ،‬الحب الأمومي‪،‬‬
                                        ‫أن المرأة الشرقية المتفتحة‬    ‫الحب الرومانسي‪ ،‬وما دون‬
                                        ‫تناضل أي ًضا وبعنف ضد‬        ‫ذلك يعد خار ًجا عن المألوف‪.‬‬

                                                                         ‫إن تهميش النساء في أي‬
                                                                    ‫مجتمع ليس وليد فكرة قريبة‬

                                                                      ‫وإنما تاريخ طويل ومستمر‬
   202   203   204   205   206   207   208   209   210   211   212