Page 208 - ميريت الثقافية العدد 30- يونيو 2021
P. 208

‫العـدد ‪30‬‬          ‫‪206‬‬

                                                              ‫يونيو ‪٢٠٢1‬‬    ‫ماذا إذن عن الفن‬
                                                                           ‫والسينما على وجه‬
‫بالحرية وهو يعريها بطريقة‬         ‫خا ًّصا بالمرأة انعكس فيما‬
                  ‫منظمة‪.‬‬         ‫تكتبه المرأة عن نفسها وما‬                     ‫الخصوص؟‬

    ‫ولسنوات طوال استمر‬             ‫يكتبه الرجل تعبي ًرا عنها‬                  ‫إن لب أي عمل فني هو ما‬
    ‫تنميط المرأة في السينما‬       ‫وعن حركتها في المجتمع‪،‬‬                    ‫يقوله عن الحياة مثلما يؤكد‬
  ‫الهوليودية والتي صنعت‬          ‫وقد كان من الضروري أن‬                        ‫الناقد أرنولد كيتل‪ ،‬والمرأة‬
                                ‫تضطلع السينما بمهامها في‬                    ‫شريك أصيل للرجل في هذه‬
      ‫أساطير لها وحولها‪،‬‬                                                   ‫الحياة‪ ،‬ومخطىء من يظن أن‬
     ‫وأصبحت هي الوسيلة‬                        ‫هذا السياق‪.‬‬                    ‫كل ما يمس المرأة من هوان‬
  ‫التي يدار بها وجود المرأة‬        ‫لقد بدأت السينما العالمية‬
‫بشكل عالمي‪ ،‬ليس في أميركا‬         ‫الالتفات للمرأة كموضوع‬                      ‫أو تهميش لا يطال الرجل‬
 ‫فحسب بل تبنتها سينمات‬                                                    ‫أي ًضا وينعكس عليه‪ ،‬بيد أنه لا‬
 ‫أخرى وثقافات أخرى منها‬              ‫وهدف بعد أن سحقت‬
 ‫السينما المصرية‪ ،‬فسينمانا‬            ‫الحرب العالمية الثانية‬                ‫أحد يعرف على وجه التحديد‬
  ‫المصرية تعد ضمن شبكة‬             ‫وما تلاها من تغيرات في‬                     ‫متي تذكرت السينما المرأة‬
    ‫التناقضات التي شكلت‬          ‫مسار البشرية‪ ،‬كل العوالم‬                    ‫وقضاياها‪ ،‬بل من الصعب‬
 ‫العالم الثالث‪ ،‬إذ يصعب أن‬            ‫الرومانسية التي كان‬                      ‫تحديد هذا التاريخ بدقة‪.‬‬
   ‫نجد منطقة أكثر إشكالية‬       ‫يتحرك فيها الفن بشكل عام‬
   ‫من الثقافة تكشف التوتر‬      ‫والسينما بشكل خاص‪ ،‬وبدأ‬                    ‫يشير الناقد رؤوف توفيق إلى‬
‫بين الشرق والغرب‪ ،‬فمصر‬            ‫صناع السينما في الانتباه‬                 ‫أن هناك مؤشرات عدة‪ ،‬أهمها‬
   ‫منذ أن كانت واقعة تحت‬        ‫للوضع الذي آلت إليه المرأة‬                  ‫على الإطلاق أن المرأة نفسها‬
    ‫الاحتلال البريطاني عام‬         ‫بعد سنوات من النضال‬
   ‫‪ 1882‬وحتي عام ‪1936‬‬          ‫وبعد التشتت والجنون الذي‬                      ‫بدأت تدافع عن وجودها في‬
 ‫وتوقيع معاهدة الاستقلال‪،‬‬         ‫أوصلنا إليه عالم الرجال‪،‬‬                    ‫العالم‪ ،‬وترفع صوتها من‬
‫والمحاولات الحثيثة للتخلص‬        ‫واضطلع مخرجان كبيران‬                        ‫خلال النقابات والاتحادات‬
    ‫من الاستعمار واحتكاك‬          ‫كبيرجمان وجودار بحمل‬
‫المصريين بالإنجليز والثقافة‬        ‫المرأة ومأزقها الوجودي‬                  ‫وجمعيات تحرير المرأة والتي‬
  ‫الإنجليزية والذي أثر على‬       ‫إلى صدارة الوعي والطرح‬                       ‫تشكلت في كثير من بلدان‬
   ‫التعليم المدني في المدارس‬     ‫في أفلامهم‪ ،‬واعتبر جودار‬
    ‫الأولية والثانوية‪ ،‬وبعد‬        ‫بالتحديد عراب المرأة بلا‬               ‫العالم المتحضر‪ ،‬وشهدت أكثر‬
  ‫ثورة ‪ 1919‬شاع خطابان‬            ‫منازع‪ ،‬منذ أن قدم فيلميه‬                ‫الدول تقد ًما كأميركا مظاهرات‬
    ‫كلاهما منوط وملتصق‬          ‫الشهيرين‪( ،‬عاشت حياتها)‬
‫بالمرأة‪ ،‬أحدهما أخلاقي وهو‬         ‫و(شيء أو شيئين أعرفه‬                     ‫ومسيرات تحتج على صورة‬
   ‫الذي يشيع في المجتمعات‬       ‫عنها)‪ ،‬حيث وظف في الأول‬                      ‫الدمية الجميلة التي رسمها‬
     ‫التي في حالة الصعود‬         ‫الدعارة كاستعارة من أجل‬                  ‫الرجل‪ ،‬وقامت مسيرات تمزق‬
      ‫الوطني وبناء الدولة‪،‬‬       ‫دراسة المرأة‪ ،‬وطرح طر ًحا‬                    ‫وتلطخ ملصقات الشوارع‬
    ‫والآخر تحرري تقدمي‪،‬‬            ‫قاسيًا ومباش ًرا وجار ًحا‬              ‫التي تروج لبضائع باستخدام‬
‫ولعلنا لم نحدد الخصوصية‬        ‫للعالم بأسره‪ ،‬وهو أن العالم‬                ‫وجه المرأة وجسدها‪ ،‬وأفسحت‬
‫الثقافية بنا إلا في الستينيات‬  ‫مهما تحضر يتعامل مع المرأة‬                 ‫الصحافة والتليفزيون والإذاعة‬
                                ‫كمومس بطريقة أو بأخري‪،‬‬                       ‫للمرأة المتمردة على عبودية‬
        ‫من القرن الماضي‪،‬‬        ‫وفي فيلمه الثاني يكشف عن‬
    ‫وبزوغ الأفكار الثقافية‬      ‫ذلك المجتمع الذي يمد المرأة‬                    ‫العصر الحديث‪ ،‬وكشفت‬
                                                                            ‫هذه الاحتجاجات عن حقيقة‬
                                                                            ‫التناقض المذهل الذي نعيش‬
                                                                          ‫فيه‪ ،‬هذا التناقض خلق اهتما ًما‬
   203   204   205   206   207   208   209   210   211   212   213