Page 224 - ميريت الثقافية العدد 30- يونيو 2021
P. 224
العـدد 30 222
يونيو ٢٠٢1 إلا انعكاس لسلوك مروي في
كتب الأقدمين ،والتي ُتوصف
قوالب مصمتة يتم قذفها والتطفل على حياة الآخرين مجا ًزا «بأصح» الكتب بصيغة
في وجه المجتمع ،ف ُتح ِدث به الخاصة ،فبتحليل النص
إصابات بالغة ،ثم بمنتهى كما ورد في صيغته نجد أفعل التفضيل.
الفجاجة يستعطف المتحرش إذا كان مجتمعنا قد حاز
عمر بن الخطاب يطلب من ترتيبًا متقد ًما باعتباره من
وأنصاره مجتم ًعا ُيلقي النبي تحجيب زوجاته، أكثر الشعوب المتحرشة،
باللوم على المرأة ويجعل فما ذلك إلا انعكا ًسا لسلوك
منها الجاني وهو الضحية. وعندما يرفض يخرج هو
قرأت ذات مرة منشو ًرا ويتحرش بواحدة منهن؛ مروي بسند صحيح.
لشاب في إحدى مواقع بمضايقتها والتخفي منها فقد ورد في صحيح البخاري
التواصل الاجتماعي تعلي ًقا بطريقة صبيانية ،ثم الظهور «كتاب الوضوء»« ،باب خروج
لها فجأة صار ًخا في وجهها النساء للبراز»( :حدثنا يحيى
على حادثة من حوادث «عرفنا ِك يا سودة» بأسلوب
التحرشُ ،يلقي فيه باللوم فج فيه اقتحام لسلامها بن بكير قال :حدثنا الليث
علي الضحية ويقول :بأنه النفسي وأمانها في الطريق، قال :حدثنا عقيل عن ابن
سيكون خصي ًما لكل بنت مبر ًرا فعلته بمبدأ إن أري ُد هشام عن عروة عن عائشة
آذته وآذت نظره بملبسها، إلا الإصلاح ما استطعت، أن أزواج النبى كن يخرجن
وأنه لن يسامحها أمام الله بالليل إذا تبرزن إلى المناصع
إلا إذا دخلت النار ،ويؤكد والغاية تبرر الوسيلة. وهو صعيد أفيح ،فكان عمر
على أن ذلك حقه المؤجل في ثم تكون الطامة الكبرى كما يقول للنبي احجب نساءك
الآخرة ،وأن الله لن ُيضيع ورد في الرواية بالاستجابة فلم يكن رسول الله يفعل،
حقوق عباده المظلومين ،ثم السريعة إلى مطلبه ،وكأنها فخرجت سودة بنت زمعة
يتمادى في حالة إحساسه زوج النبي ليلة من الليالي
مكافأة له على تحرشه ِعشا ًء وكانت امرأة طويلة،
العميق بدور الضحية وهمجيته. فناداها عمر ،ألا قد عرفنا ِك
بتشبيه كل امرأة غير يا سودة ،حر ًصا على أن
محجبة بامرأة العزيز التي مثل هذا النص المُرسل الذي ينزل الحجاب ،فأنزل الله آية
قالت« :هيت لك» ،لكنه ليس يتضمن رسائل خفية لا الحجاب ،حدثنا زكريا قال
بقوة وصلابة يوسف الذي أخلاقية إرساؤها في أي حدثنا أبو أسامة عن هشام
مجتمع يضمن له الهلاك بن عروة عن أبيه عن عائشة
قال :معاذ الله. عن النبي قال :قد أُ ِذن أن
نعم إلى هذا الحد وصل التام .وهذا هو عين الواقع
الانحطاط المجتمعي بإعادة الذي نحياه الآن ،فقد صرنا تخرجن في حاجتكن.
تدوير الجرائم في عملية بالتأمل في هذا النص ،فإن
ممنهجة لقلب الحقائق، في مجتمع يحتكر المرأة أول ما يثير الانتباه امتداد
وغسل الأدمغة بخرافات ككيان ويراها العورة التي وتسلسل المحادثة والعنعنة
يجب حجبها عن إنسانيتها دون أي دليل مادي ملموس،
مقدسة. أو حتى عن معنى أنوثتها، وبنظرة عقلية في تلك العنعنات
-نموذج مأساوي آخر وإلا فهي تستحق التحرش المروية نجد فيها إشارات
نتجرع مرارته في مجتمع والإيذاء ،ثم يدعي بعد ذلك كارثية لمنحدرات أخلاقية،
متطفل يخترق الحدود فهذه الرواية ُتكرث للابتزاز،
الشخصية ،ويتخطى أسوار أنه يريد الإصلاح ،وهي
الخصوصية الفردية .فقد من تريد الإغواء ،ويجد له
ورد في صحيح البخاري: الأنصار المدافعين من رجال
الدين الذين يقومون بتبرير
جريمته ،فلديهم من المرويات
ما يسمح بذلك ،فنصوصهم