Page 221 - ميريت الثقافية العدد 30- يونيو 2021
P. 221

‫الملف الثقـافي ‪2 1 9‬‬

     ‫ستيف جوبز‬                   ‫من العقاب‪ ،‬بل والمساهمة‬      ‫الضحايا هو التجارب المؤلمة‪،‬‬
                                ‫في خلق مناخ من التسامح‪،‬‬         ‫حيث يكافح الدماغ بشكل‬
   ‫المساءلة عنه في المجتمع‪،‬‬    ‫وظهور آراء لتبرير الجريمة‬       ‫طبيعي للتكيف مع الأحداث‬
‫لكن وراء الأبواب المغلقة‪ ،‬لم‬
                                  ‫خاصة تلك المغلفة بطابع‬      ‫المؤلمة وخاصة بعد الصدمة‪،‬‬
  ‫يتم تفعيل قوانين صارمة‬         ‫ديني كاستحضار مفهوم‬        ‫ففي كثير من الأحيان لا تتذكر‬
    ‫تجاه العديد من الجناة‬         ‫«الستر» على الجاني‪ ،‬كل‬
                                 ‫هذا أعطى مساحة لزيادة‬        ‫الضحية الاعتداء‪ ،‬ليس لأنها‬
  ‫والمبررين لمعالجته‪ ،‬الأمر‬                                  ‫تنسى بل لأن ترتيب الأحداث‬
 ‫الذي ساهم في خلق بيئات‬             ‫المضايقات حتى طالت‬       ‫في داخل الدماغ اختلف‪ ،‬وهو‬
‫اجتماعية معادية‪ ،‬ليس فقط‬           ‫الأطفال‪ ،‬مثل تلك الفتاة‬    ‫ما يؤدي بهم إلى الخوف من‬
                                   ‫الصغيرة التي تعرضت‬
   ‫لضحايا التحرش‪ ،‬ولكن‬        ‫للتحرش في «واقعة المعادي»‪،‬‬        ‫عدم التصديق بسبب عدم‬
     ‫أي ًضا لأعضاء المجتمع‬    ‫وغيرها من الأطفال المهددين‬        ‫القدرة على تذكر الأحداث‪،‬‬
                                    ‫طوال الوقت‪ ،‬كما أنها‬      ‫وبالتالي تصمت الضحايا عن‬
 ‫الآخرين الذين تعودوا على‬       ‫معرضة لخطر هذا السلوك‬         ‫الإبلاغ عن الإساءة لهن‪ ،‬ولا‬
 ‫الوقوف موقف المتفرجين‪،‬‬        ‫داخل المدرسة‪ ،‬ومن أقاربها‬
                                   ‫ومن المحيط الاجتماعي‬             ‫تكسر حاجز الخوف‪.‬‬
   ‫فالبيئة المعادية تؤثر على‬       ‫حولها‪ ،‬كل هذا يج ّردها‬   ‫قد لا تتحدث الضحية ‪-‬كذلك‪-‬‬
 ‫المجتمع بأكمله‪ ،‬وليس فقط‬      ‫وهي في سن صغيرة من أي‬
‫الأشخاص الذين يتعرضون‬            ‫شعور بالأمان ويزيد من‬           ‫خو ًفا من فقدان الوظيفة‪،‬‬
                               ‫خوفها من إلقاء اللوم عليها‪،‬‬     ‫حيث ثبت أن النساء اللائي‬
  ‫للمضايقات في الأساس‪..‬‬           ‫كما لو كان ذنبها‪ ،‬إما أن‬  ‫يعملن في مجالات يهيمن عليها‬
‫إنه يسمم المجتمع‪ ،‬لكن بعد‬        ‫تظل صامتة وتتعامل بألم‬         ‫الذكور‪ ،‬يصمتن خو ًفا من‬
 ‫ثوثيق الاعتداءات بالصوت‬         ‫مع الأمر أو تمتنع عن أي‬        ‫فقدان وظائفهن‪ ،‬فيواجهن‬
                                ‫تفاعلات اجتماعية وتصبح‬      ‫مشكلات مادية لسن مستعدات‬
     ‫والصورة هناك اتجاه‬           ‫منعزلة‪ ،‬كل هذه العوامل‬
   ‫لتوحيد الصفوف‪ ،‬وعدم‬            ‫تنتقص من حقوق المرأة‬                        ‫لمواجهتها‪.‬‬
‫الاعتراف بأي مبرر أو إلقاء‬    ‫والطفل‪ ،‬ما الذي يتطلبه الأمر‬
‫اللوم على الضحية‪ ،‬يمكن أن‬        ‫ح ًّقا لوقف هذه الانتهكات‬      ‫سبل المعالجة‬

                                            ‫والممارسات؟‬           ‫يعد التحرش في الأماكن‬
                              ‫لا يتعلق التحرش الجنسي في‬          ‫العامة والخاصة (حاليًا)‪،‬‬
                              ‫الحقيقة بأي مبرر‪ ،‬إنه يتعلق‬    ‫مشكلة طويلة الأمد ومنهجية‬
                               ‫بالقوة والعدوانية والتلاعب‪،‬‬        ‫في مصر‪ ،‬وانتشاره يدل‬
                                                                ‫على أزمة أخلاقية وتصور‬
                               ‫إنها مشكلة إساءة استخدام‬          ‫متجذر بأن المرأة والطفل‬
                               ‫للسلطة على الآخر أو الحلقة‬     ‫أقل شأ ًنا‪ ،‬مما أدى إلى تطور‬
                                ‫الضعيفة‪ ،‬ومع تزايد قائمة‬     ‫التجاوزات الصغيرة من أقلية‬
                                                              ‫من الشباب إلى أعمال شنيعة‬
                                 ‫الرجال المتهمين بالتحرش‬      ‫تفتك بالصغير والكبير‪ ،‬لعدة‬
                                  ‫أو الاعتداء الجنسي على‬    ‫سنوات قامت المنظمات الوطنية‬
                                                              ‫والدولية بوضع تقارير تفيد‬
                              ‫الأطفال والسيدات‪ ،‬قد يحدث‬       ‫بأنه «وباء»‪ ،‬وعادة ما يقابل‬
                                 ‫تحول ثقافي يطالب بزيادة‬         ‫هذا العنف بالإفلات التام‬
   216   217   218   219   220   221   222   223   224   225   226