Page 65 - ميريت الثقافية العدد 30- يونيو 2021
P. 65
63 إبداع ومبدعون
رؤى نقدية
د.محمد هندي
الأدب في خطر لتزفيطان طودوروف
(نحو مقاربة فاعلة للتحليل الأدبي)
حاولت مادة الكتاب بتمهيدها وفصولها السبعة( :اختزال عبثي للأدب،
ما وراء المدرسة ،نشوء علم الجمال الحديث ،جماليات عصر الأنوار،
من الرومانسية حتى الحركة الطليعية ،ماذا يستطيع الأدب؟ تواصل
لا ينفد)؛ تقديم إجابة واضحة ِلما قد يشغ ُل ذهن القارئ من تساؤلات،
شريطة أن يقرأها مجتمعة مترابطة ،لا على أنها عبارة عن مجموعة
من المقالات المنفصلة التي تعبر عن رأي طودوروف في مسائل أدبية
ونقدية عامة ،تنتمي إلى فترات زمنية متباينة.
بأ ّنها كتابات نقدية تقييمية وتوجيهية في آ ٍن واحد. خطوة أولى = البحث عن القيمة:
من جهة أخرى ،لا تنبع أهمية الكتاب الذي
الأدب في خطر(*) ،هو أحد ال ُكتب الفاعلة ،التي
بين أيدينا فقط من كون صاحبه ناق ًدا بحجم
طودوروف ،بل تنبع أهميته من ع ّدة أسباب ق ّدمها تزفيطان طودوروف إلى مكتبة النقد الأدبي،
أخرى :أو ًل ،الموضوع المثير الذي يطرحه ،وهو وتأليف هذا النوع من الكتب ،يكون عاد ًة بعد
واقع الأدب ،كما عاصره طودوروف سواء داخل
الحقل الأكاديمي (المدرسة ،الجامعة) أو خارجه مراقبة الظاهرة المدروسة في الواقع الذي أفرزها،
(الصحافة) .ثانيًا ،من كونه يضع ح ًّدا فاص ًل وهو ما نلمسه جليًّا في صنيع هذا الكتاب ،فإ ّن
بين الأدب بوصفه مهنة (تدريس الأدب) ،وبين
الأدب بوصفه متعة جمالية تتطلب لحظة نفسية الحالة المزرية التي كان عليها الأدب (إنتا ًجا وتلقيًّا)
خاصة للإمساك بها .ثالثًا ،من كونه يمثّل بيا ًنا على عهد طودوروف؛ هي التي أوحت إليه بمادة
لوجهة نظر طودوروف التي أرساها من قبل حول
شعرية النص في أبعاده الأدبية ،فرغم كونه من هذا الكتاب ،لكنه لم يكت ِف بالعرض فقط ،إنما حاول
أنصار التحليل البنيوي؛ إلا أنه رأى أن اتجاهات، عبر هذه المادة وضع التص ّورات المنطقية لمواجهة
مثل :الشكلانية والبنيوية قد خنقت الأدب ،وقطعت
صلته الإنسانية بالعالم ،نتيجة المغالاة في التقيّد هذه الحالة وتصحيح مسارها .هذا الصنيع التأليفي
بات مألو ًفا في واقع الدرس النقدي ،خذ على سبيل
المثال ما صنعه رونان ماكدونالد في م َّؤلفه( :موت
الناقد) الذي يق ّدم في حقيقته خلاص َة ما وصل إليه
النقد الأكاديمي تحدي ًدا في علاقته بالمجتمع والقارئ
العادي ..إلخ .بهذا يمكن وصف مثل هذه الكتابات