Page 67 - ميريت الثقافية العدد 30- يونيو 2021
P. 67

‫‪65‬‬               ‫إبداع ومبدعون‬

                 ‫رؤى نقدية‬

                                                          ‫وهي علاقة خاصة بدت‬

                                                          ‫واضحة في نغمة ذاتية‬

                                                          ‫كاشفة‪“ :‬لأنه يعينني على‬

                                                          ‫أن أحيا‪ ..‬يجعلني أكتشف‬

                                                          ‫عوالم على اتصال بالتجارب‬

                                                          ‫المعيشة التي نحياها‪ ،‬وينتج‬

                                                              ‫فه ًما أفضل لها‪ ..‬لأنه‬
                                                          ‫يفتح إلى اللانهائية إمكانية‬

                                                          ‫التفاعل مع الآخرين‪ ،‬وهو‬

                                                          ‫إذن يثرينا لا نهائيًّا‪..‬‬
                                                          ‫يز ّودنا بإحساسات لا‬
                                                          ‫تع َّوض تجعل العالم‬
                                                          ‫الحقيقي أشحن بالمعنى‬

                                                          ‫وأجمل‪ ..‬إنه يتيح لكل‬

                                                          ‫واحد أن يستجيب لقدره في‬

‫جون ستيوارت ِمل‬  ‫جوزيف مالورد ويليام تيرنر‬         ‫بلزاك‬  ‫الوجود إنسا ًنا”‪( .‬ص‪)10‬‬
                                                            ‫فهل هناك وعي حقيقي‬

                  ‫ماذا يتحدث النقاد”‪( .‬ص‪)12‬‬               ‫بطبيعة مثل هذه الوظائف في استيعاب الأدب‬
     ‫هذه النزعة النقدية المدرسية هي التي دفعت‬
‫طودوروف إلى استخلاص نتيجة رئيسية‪ ،‬تتمثل‬                   ‫وتدرسه؟ ربما كان هذا هو السؤال الذي أراد‬
‫أهميتها في كونه شاه ًدا على هذه الأوضاع السيئة‬
   ‫(وهو ما يسميه البلاغيون الحجاج بالتجربة)‪،‬‬       ‫طودوروف توجيهه ضمنيًّا إلى قارئ تمهيده في كل‬
  ‫فقد د ّرس الأدب في مدارس فرنسا عندما رحل‬                ‫زمان ومكان‪.‬‬
   ‫إليها‪ ،‬قاد ًما من بلغاريا‪ ،‬يقول‪“ :‬وإنه لنوع من‬
   ‫غياب التواضع أن نقوم بتدريس نظرياتنا عن‬                ‫الخطر الآخر‪:‬‬
  ‫الأعمال الأدبية بدل الأعمال الأدبية ذاتها‪ .‬نحن‬
‫متخصصين‪ ،‬ونقا ًدا‪ ،‬وأساتذة لسنا أغلب الأحيان‬              ‫غياب هذا الوعي حول وظيفة الأدب؛ أفرز لنا‬
   ‫سوى أقزام تعتلي أكتاف العمالقة”‪( .‬ص ‪)14‬‬         ‫الخطر الآخر‪ ،‬الذي يتعلّق بتحليل العمل الأدبي على‬

      ‫إن طودوروف مقتنع بأن التحليل البنيوي‬         ‫مستوى التلقي في صورتيه (الخاصة والعامة)‪.‬‬
  ‫(بمصطلحاته سالفة الذكر) مطلب مهم‪ ،‬لكن لا‬
‫ينبغي أن يحل محل دراسة المعنى‪ ،‬هو مؤمن بأن‬         ‫يو ّجه طودوروف بداية من فصله الأول‪( :‬اختزال‬
‫أس ّرة البناء لازمة لتأسيس البِناية‪ ،‬لكن لا ينبغي‬  ‫عبثي للأدب) سها َم نقده إلى هؤلاء الذين اختزلوا‬
 ‫أن تح ّل الأولى محل الثانية بعد أن تبنى البناية‪،‬‬         ‫الدراسة الأدبية في مجموعة من المصطلحات‬

                ‫فمصير أس ّرة البناء هو الزوال‪.‬‬     ‫الشكلانية والقوالب الجاهزة‪ ،‬التي يعمدون إلى‬

          ‫بيان لا بد منه‬                           ‫حشوها في أذهان التلاميذ والباحثين في مرحلة‬

      ‫مع تغلغل طودوروف في المجتمع الفرنسي‬                 ‫التدريس النظري‪ ،‬ثم يطلبون منهم بعد ذلك‬

                                                   ‫تطبيقها على نص ما‪ ،‬وهو تطبيق تغيب معه إنسانية‬

                                                   ‫القراءة‪ ،‬وقدرة الذهن على استنباط المسكوت عنه‬

                                                   ‫في التجربة التي تمحور حولها النص‪ ،‬وعلاقتها‬

                                                   ‫بالتجارب الأخرى سواء الخاصة بالكاتب نفسه أو‬

                                                   ‫الذين ينتمي إليهم أيديولوجيًّا داخل الأقليم الذي‬
                                                   ‫يعيش فيه أو خارجه‪ .‬بهذا الصنيع يكون الاهتمام‬

                                                   ‫بالمصطلح النقدي على حساب النص‪ ،‬يقول‪“ :‬لا‬

                                                   ‫نتعلم عن ماذا تتحدث الأعمال الأدبية‪ ،‬وإنما عن‬
   62   63   64   65   66   67   68   69   70   71   72