Page 107 - ميريت الثقافية- العدد (29) مايو 2021
P. 107

‫‪105‬‬  ‫تجديد الخطاب‬

       ‫وحيأدي لرد فعل عكسي‪.‬‬           ‫السلف‪ .‬وميزته عن المسار اللي‬      ‫مناسبة للالتزام بقوانين المجتمع‬
                                     ‫قبله إنه بيحاول يواجه المشاكل‬       ‫والدولة‪ ،‬وإن الإسلام الأصولي‬
   ‫المسار الخامس‪:‬‬                   ‫ويغير الفقه‪ ،‬أو حاجات فيه‪ ،‬بدل‬        ‫مش حيسيب اللي كنسه أنصار‬
    ‫إصلاح العقيدة‬                   ‫ما يكتفي بالسكوت عن المشاكل‪.‬‬       ‫المسار دا تحت السجادة في مكانه‪،‬‬

  ‫الفكرة هنا هي إن إصلاح الفقه‬         ‫مشكلة المسار دا إنه مينفعش‬            ‫بالعكس حيطلعه ويتهم اللي‬
‫لوحده أو في حد ذاته مش حينفع‪،‬‬      ‫لوحده لمواجهة الصحوة الأصولية‬          ‫كنسوه بإنهم منافقين يكذبون‬
 ‫لازم يتغير فهمنا للعقيدة نفسها‪،‬‬
                                     ‫لأسباب كتير‪ .‬أهمها إنه بيقترح‬                            ‫على الله‪.‬‬
   ‫لأن لو فضلنا على نفس رؤيتنا‬         ‫فقه مكان فقه‪ ،‬وبيأكد برضو‬          ‫الأهم إن النوع دا من الإصلاح‬
    ‫لأصول الفقه حنوصل لنتايج‬          ‫إن الفقه يفضل مرجعية سلوك‬
‫مش حتفرق كتير عن اللي وصلوا‬              ‫الأفراد والمؤسسات‪ ،‬وحتى‬            ‫بيكرس “الكنيسة” الحقيقية‬
   ‫ليه الأقدمين اللي حطوا مناهج‬                                                ‫للإسلام‪ ،‬اللي هي الدولة‪،‬‬
  ‫الاستنباط الفقهي اللي ولِّدت كل‬  ‫الدولة‪ ،‬دا غير إنه بيتعامل بالحتة‪،‬‬
‫المشاكل (مث ًل العبرة بعموم اللفظ‬     ‫يعني الفتوى في مسألة مسألة‪،‬‬          ‫وحيفضل معياره النهائي هو‬
  ‫لا بخصوص السبب ولا اجتهاد‬             ‫أو مجموعة مسائل مترابطة‪،‬‬       ‫إسلامية الدولة‪ ،‬ومش بيخلي منفذ‬

     ‫مع النص والنسخ)‪ ،‬وحطوا‬        ‫وبتفضل القاعدة الفقهية الموروثة‬       ‫للإصلاح غير الإصلاح من أعلى‬
      ‫الفقه في قلب العقيدة‪ .‬فكرة‬    ‫قايمة‪ .‬وأشهر مثال على دا محمد‬         ‫على إيد الحاكم المسلم‪ ،‬باعتبار‬
   ‫العقيدة السايدة هي إن الإيمان‬   ‫عبده‪ .‬ثانيًا‪ ،‬الفكرة ناقصة‪ ،‬لأن في‬      ‫إنه لا تجوز الثورة عليه‪ ،‬مش‬
    ‫مجرد مقدمة بترسخ شرعية‬          ‫صراعات الفقه مفيش أي إصلاح‬            ‫باعتبار إن الإصلاحات خير في‬
    ‫الفقه؛ فإذا كنت مسلم مؤمن‪،‬‬       ‫فقهي ممكن يواجه الموروث من‬
 ‫يبقى لازم تطيع ربنا‪ ،‬والفقه هو‬     ‫غير ما يكون وراه فكرة بتوجهه‪.‬‬      ‫ذاتها‪ ،‬وفي النهاية هو حاطط نفسه‬
   ‫اللي بيقول لك إزاي تطيعه‪ .‬أما‬                                       ‫عم ًدا في دور رد الفعل والمسايرة‪.‬‬
 ‫إصلاح العقيدة فهي تغيير نظرة‬           ‫مث ًل إصلاح محمد عبده كان‬        ‫دا كله معناه إن متمتش مواجهة‬
  ‫الناس للنصوص الدينية نفسها‪،‬‬            ‫وراه فكرة مسايرة الحداثة‬       ‫لكل الشرور الأصولية‪ ،‬وبالطبع‬
  ‫بإننا نقول إن النصوص دي في‬
  ‫معظمها تتفهم في ضوء عصرها‬           ‫والعلم الحديث‪ ،‬وبالتالي ممكن‬             ‫مفيش مكان لفكرة الدولة‬
‫واللي كانت بتخاطبهم مباشرة‪ ،‬أما‬     ‫(وغالبًا وفع ًل) الإصلاح دا يبان‬                         ‫العلمانية‪.‬‬
‫العصر الحالي فيكتفي بأخد عبرة‬        ‫من وجهة نظر المتشددين كولاء‬
   ‫أخلاقية عمومية من النصوص‬        ‫لفكرة تانية غير الفكرة الإسلامية‬     ‫لكن دا ميمنعش إنه ممكن يساير‬
‫دي‪ ،‬من غير ما ندخل في تفاصيل‬       ‫(فكرة إن الإسلام دولة ليها دين)‬          ‫الفكرة العلمانية لو انتصرت‬
 ‫(فكرة تاريخية القرآن)‪ ،‬أو فكرة‬       ‫وإخضاع الدين ليها‪ ،‬خصوصا‬
   ‫مجازية النصوص المقدسة‪ ،‬أو‬                                             ‫بذاتها‪ ،‬ويواصل سياسة التنقية‬
     ‫حتى الاقتباس من الفلسفات‬         ‫إن الاتجاهات الأصولية بتفتي‬           ‫التجميلية‪ ،‬لكن في الحالة دي‬
                                    ‫في الأمور الحديثة ومش سايباها‬
                      ‫الصوفية‪.‬‬                                         ‫حيكون أضعف المسارات باستثناء‬
    ‫ميزة الفكرة إنها أكتر جذرية‬        ‫للمجددين‪ .‬والاتجاه دا بالفعل‬        ‫إنه بيتمتع بقدراته المؤسسية‪.‬‬
     ‫وأقدر على إصلاح الدين من‬           ‫محتاج فكرة من براه عشان‬
  ‫الإصلاح الفقهي‪ ،‬وبتفتح الباب‬                                              ‫المسار الرابع‪:‬‬
  ‫قصاد التدين الشخصي‪ ،‬بمعنى‬         ‫توجهه‪ ..‬وإن كان ممكن الرد على‬          ‫الإصلاح الفقهي‬
‫إن كل فرد يقدر يتعامل مع الدين‬         ‫دا لكن القضية خلافية بشدة‪.‬‬
                                                                       ‫المسار دا بيتقدم خطوة عن المسار‬
                                    ‫نقطة تالتة‪ ،‬الاقتصار على المسار‬      ‫السابق (التنقية التجميلية)‪ .‬من‬
                                   ‫دا لوحده‪ ،‬حتى بافتراض نجاحه‪،‬‬         ‫الناحية الإجرائية شعار المدرسة‬
                                   ‫ممكن يحط قيود على النقد الأعمق‬        ‫دي “هم رجال (أي رجال الفقه‬
                                                                         ‫المتوارث القديم) ونحن رجال”‪،‬‬
                                      ‫للدين بحجة إن النقد العميق أو‬           ‫وبالتالي من حقنا يكون لنا‬
                                   ‫العنيف ماشي عكس مسار تدعيم‬            ‫تفسيراتنا المختلفة عن تفسيرات‬

                                         ‫ثقة الأغلبية المسلمة بنفسها‬
   102   103   104   105   106   107   108   109   110   111   112