Page 111 - ميريت الثقافية- العدد (29) مايو 2021
P. 111
109 تجديد الخطاب
ويدعو إلى احترام تراث الأولين، ونقد العقل الإسلامي الذي اعتبره بمعنى عرض أفكاره وتفكيكها
وألا يحرج المفكر المسلم الوعي أركون مشرو ًعا عقليًّا في المقام وتفسيرها لبيان مقاصده وأهدافه
الأول ،واص ًفا إياه بأنه الطريق
الإيماني أو يعامله بفجاجة. عبر الاعتماد على قراءة أعماله
النقد التاريخي عند أركون هدفه الوحيد القادر على إدخال المسلمين متخذة خطوات منهجية على أكثر
الأول تخليص التجربة الروحية والإسلام في إطار الحداثة. من مستوى :المستوى الأول قراءة
الإسلامية الكبرى مما علق بها استكشافية تحليلية سريعة تعتمد
من أوشاب وأوصاب على مدار وسلطت الدراسة الضوء على كون على المنهج الظاهراتي للتعرف على
أركون كان ناق ًدا لكل من العقل المؤشرات الأولى للفكرة المفترضة
التاريخ ،وهو ما يمثل عم ًل الإسلامي والعقل الغربي في آن،
إيجابيًّا بكل المقاييس ،والانتقال وهدفه الأول هو إحياء الموقف والاعتماد على المنهج التاريخي
من مرحلة الاجتهاد الكلاسيكي الفكري البحاث والنقاد في العقل لتفسير الوثائق .المستوى الثاني:
الإسلامي. قراءة تحليلية معمقة تعتمد على
إلى محلة نقد العقل الإسلامي سعى أركون لاستكمال المشروع المنهج التحليلي الذي يشتمل على
يتوجب خلق مفكر مسلم ُمسلح الغربي الحداثي ليشمل الإسلام الحفر والتفكيك عن طريق المنهج
من خلال مشروع نقد العقل
علميًّا ومتدرب على تقنيات التحليلي .وتم تحليل الخطاب
الاجتهاد وعلومه ومناهجه. الإسلامي ،وهو يربط بين الحركة الأركوني من خلال الاطلاع على
اهتمام أركون بتحقيق النصوص النقدية الحديثة المباشرة المتجهة
إلى نقد الأسس المكونة لهذا، كتبه ولقاءاته الثقافية وندواته
القديمة والمخطوطات على والمحاضرات.
أسس علمية من خلال قراءة وإعادة تأويل مسلماته وفرضياته
أركيولوجية ناضجة ُمطب ًقا تأوي ًل جدي ًدا يكشف عن ترابطه تناولت الدراسة في الفصل الأول
إشكاليات ومناهج اللسانيات وتفاعله مع الحقيقة والتاريخ، ملامح الحياة في الجزائر إبان
والسيميائيات لتحليل الخطاب فتحديث الفكر الإسلامي يمر ميلاد أركون ،ثم المؤثرات على
أو ًل بالإصلاح الديني كمرحلة
القرآني ،خال ًقا ما أسماه ضرورية للوصول إلى إحداث شخصه وانعكاساتها على أفكاره،
الإسلاميات التطبيقية التي أرادها الثورة في مجال العلوم الإنسانية مشيرة إلى أن المفتاح الرئيسي
والاجتماعية ،بهدف السعي وراء لشخصية أركون هو الاغتراب
بدي ًل علميًّا عن الإسلاميات لاهوت إسلامي جديد يستجيب والتهميش الذي عانى منه في
الكلاسيكية ،ورأى فيها تحالف للحداثة ويتناسب مع معطيات المجتمعات التي عاش بها ،سواء
العقل الاستشراقي التقليدي مع العلم الحديث. في القبيلة أو كنتاج للاستعمار
العقل الفقهي الأرثوذكسي ،ومن أكدت الدراسة على عدم انحياز الفرنسي بالجزائر أو بفرنسا
أركون لمذهب ضد آخر،
المهام الأساسية التي تأخذها وعدم وقوفه مع عقيدة ضد كمفكر مسلم؛ مع تناول المؤثرات
الإسلاميات التطبيقية على عاتقها أخرى؛ فمشروعه تاريخي الأساسية في تشكيل شخصيته
رصد ظاهرة الإسلام السياسي، أنثروبوولوجي في آن يثير أسئلة والمصادر الأولى لفكره وتأثره
ومعرفة أسباب العنف والتطرف أنثروبولوجية في كل مرحلة
كظاهرة أنثروبولوجية ،بالإضافة من مراحل التاريخ ،ونقد العقل بالمفكرين العرب كالتوحيدي وابن
الإسلامي لديه لا يعني إطلا ًقا مسكويه والجاحظ وطه حسين،
إلى قراءة التراث قراءة حديثة عم ًل سلبيًّا أو تدمير ًّيا للتجربة ثم تأثره بالمفكرين بالغرب
بهدف نهضة إسلاميه -عربية الروحية الكبرى للإسلام كميشيل فوكو وبورديو ودريدا
مع ضبط آليات الحداثة وطرح الحنيف ،فأركون كان يحترم ومدرسة الحوليات.
تناولت الدراسة في الفصل الثاني
المشاكل الفعلية التي تعاني ملامح المشروعات الفكرية التي
منها المجتمعات الإسلامية، دشنها المفكر الجزائري محمد
ومحاولة السيطرة عليها أركون كعلم الإسلاميات التطبيقية
بمنهجيات علمية حديثة وآليات
لتحقيقها ،على رأسها استدعاء