Page 129 - ميريت الثقافية- العدد (29) مايو 2021
P. 129

‫حول العالم ‪1 2 7‬‬

 ‫ُخلقت لتكون زوجة صالحة‬                ‫أخذ در ًسا في الطهي منذ‬      ‫بإيماءة من رأسه مصحوبة‬
    ‫رقيقة الصوت‪ ،‬وعطوفة‪،‬‬            ‫بضع سنوات وتحدي ًدا عقب‬         ‫بابتسامة فيّاضة‪ .‬على الرغم‬

‫ووفية‪ ،‬وجميلة‪ ،‬نسخة شابة‬                ‫وفاة زوجته‪ ،‬ومنذ ذلك‬           ‫من عدم فهمه للكثير مما‬
                   ‫من أمها‪.‬‬        ‫الحين قد درس فنون الطهي‬         ‫تقول‪ ،‬إلا أنه يشعر بسعادتها‬

 ‫(عندما اتصلت ابنته لتخبره‬            ‫بتلك الهمة التي درس بها‬             ‫في الحديث إليه‪ ،‬وهي‬
   ‫بالطلاق تخيل السيد شي‬            ‫الرياضيات والفيزياء حينما‬      ‫السعادة ذاتها التي يجدها في‬
                                                                    ‫الاستماع إليها‪ ،‬شيئًا فشيئًا‬
 ‫أنها في ألم لا عزاء له‪ ،‬وطلب‬                ‫كان طالبًا جامعيًّا‪.‬‬
 ‫الحضور لأمريكا ليساعدها‬            ‫يقول السيد شي أثناء تناول‬         ‫ينتظر السيد شي الصباح‬
                                                                   ‫بلهفة حيث يجلس في الحديقة‬
      ‫في التعافي منه‪ ،‬ولكنها‬                     ‫وجبة العشاء‪:‬‬
    ‫رفضت‪ ،‬فبدأ في الاتصال‬              ‫«يولد كل إنسان بمواهب‬          ‫وينتظرها‪ ،‬يخاطبها بكلمة‬
     ‫بها يوميًّا متوس ًل إليها‪،‬‬      ‫تفوق كثي ًرا معرفته بكيفية‬      ‫سيدتي لأنه لم يسألها عن‬
  ‫وفي سبيل ذلك أنفق شه ًرا‬         ‫استغلالها‪ ،‬فلم أتخيل أب ًدا أن‬    ‫اسمها قط‪ ،‬اعتادت السيدة‬
‫كام ًل من معاشه على فاتورة‬         ‫أشرع في الطهي‪ ،‬ولكن هأنذا‬       ‫أن ترتدي ألوا ًنا لم يتخيل أن‬
‫المكالمات الدولية‪ ،‬وافقت ابنته‬                                     ‫ترتديها امرأة في مثل عمرها‪،‬‬
‫أخي ًرا عندما أخبرها أن أمنيته‬              ‫أفضل مما تخيلت»‪.‬‬          ‫أو من مسقط رأسها‪ ،‬فهي‬
                                        ‫فترد ابنته‪« :‬نعم‪ ،‬رائع‬
     ‫في عيد ميلاده الخامس‬                                              ‫ترتدي الأحمر والأصفر‬
‫والسبعين هي إلقاء نظرة على‬                              ‫ج ًّدا»‪.‬‬        ‫والبرتقالي والبنفسجي‪،‬‬
‫أمريكا‪ ،‬تحولت تلك الكذبة إلى‬            ‫يلقي السيد شي نظرة‬           ‫تضع في شعرها زو ًجا من‬
‫سبب مقنع‪ ،‬فأمريكا تستحق‬                ‫خاطفة على ابنته‪ ،‬ويكمل‬           ‫مشابك الشعر الحديدية‬
                                                                   ‫أحدهما على شكل فيل أبيض‬
  ‫المشاهدة‪ ،‬أكثر من ذلك فقد‬                       ‫حديثه قائ ًل‪:‬‬       ‫والآخر على شكل طاووس‬
 ‫جعلته شخ ًصا جدي ًدا‪ ،‬وعا ِلًا‬     ‫«تمنحنا الحياة سعاد ًة أكثر‬       ‫باللونين الأزرق والأحمر‪،‬‬
‫في الصواريخ‪ ،‬ومتحد ًثا لب ًقا‪،‬‬                                         ‫يمسكان بشعرها اله ّفاف‬
  ‫وأ ًبا محبًّا‪ ،‬ورج ًل سعي ًدا)‪.‬‬      ‫مما نعرف‪ ،‬لذا فعلينا أن‬       ‫بتمايل يذ ّكره بابنته حينما‬
                                       ‫ندرب أنفسنا على البحث‬         ‫كانت طفلة صغيرة قبل أن‬
    ‫بعد العشاء‪ ،‬إ ّما تنسحب‬                                           ‫ينمو شعرها بشكل كامل‪،‬‬
    ‫ابنة السيد شي إلى غرفة‬                              ‫عنها»‪.‬‬        ‫وعلى جبهتها تتدلى فراشة‬
  ‫نومها‪ ،‬أو تخرج وتعود إلى‬          ‫لا ترد ابنته‪ ،‬وعلى الرغم من‬        ‫بلاستيكية‪ ،‬للحظة‪ ،‬يريد‬
  ‫البيت في ساعة متأخرة من‬                                           ‫السيد شي أن يخبر السيدة‬
 ‫الليل‪ ،‬يطلب منها السيد شي‬            ‫فخره بطهيه‪ ،‬ومدحها إياه‬           ‫عن مدى اشتياقه للأيام‬
     ‫الخروج معها ليصحبها‬             ‫إلا أنها تأكل القليل‪ ،‬وتأكله‬  ‫التي كانت فيها ابنته صغيرة‬
  ‫لمشاهدة الأفلام التي يعتقد‬       ‫بدافع الواجب لا أكثر‪ ،‬يساور‬     ‫والحياة مفعمة بالأمل‪ ،‬ولكنّه‬
  ‫أنها تشاهدها بمفردها‪ ،‬إلا‬           ‫السيد شي القلق لأن ابنته‬       ‫متأكد حتى قبل أن يبدأ أن‬
  ‫أنها ترفض بطريقة مؤدبة‪،‬‬            ‫ليست متحمسة للحياة كما‬         ‫لغته الإنجليزية ستخذله إلى‬
     ‫ولكنها حازمة في الوقت‬           ‫ينبغي‪ ،‬وذلك لأنها منفصلة‬      ‫جانب أنه لم يعتد الحديث عن‬
   ‫ذاته‪ ،‬بالتأكيد ليس صحيًا‬           ‫حديثًا بعد زواج دام سبع‬
 ‫للمرأة ‪-‬خصو ًصا إذا كانت‬           ‫سنوات‪ ،‬وصهره السابق قد‬                            ‫الماضي‪.‬‬
‫حالمة كابنته‪ -‬أن تقضي وقتًا‬        ‫عاد بعد الانفصال عن زوجته‬        ‫في المساء‪ ،‬عندما تصل ابنته‬
  ‫طوي ًل بمفردها‪ ،‬يبدأ السيد‬        ‫إلى بكين ليستقر فيها بشكل‬
  ‫شي في الثرثرة أكثر وأكثر‬         ‫دائم‪ ،‬لا يعرف السيد شي ما‬           ‫يكون السيد شي قد قام‬
     ‫ليعالج مشكلة وحدتها‪،‬‬           ‫الذي أودى بقارب زواجهما‬           ‫بتجهيز وجبة العشاء‪ ،‬فقد‬
                                    ‫إلى الارتطام بصخرة خفية‪،‬‬

                                       ‫ولكن أ ًّيا كان السبب فإن‬
                                    ‫الانفصال ليس خطأها‪ ،‬فقد‬
   124   125   126   127   128   129   130   131   132   133   134