Page 133 - ميريت الثقافية- العدد (29) مايو 2021
P. 133

‫حول العالم ‪1 3 1‬‬

  ‫على الباب ليتلصص عليها‪،‬‬         ‫‪« -‬أنت هنا لكي تلقي نظرة‬         ‫«لم أكن بعي ًدا عنهم‪ ،‬لقد‬
‫ولكن يبدو أنها في هذا المساء‬         ‫على أمريكا‪ ،‬أعتقد أن هذا‬   ‫أحببتهم من كل قلبي‪ ،‬ولكن‬
 ‫مشغولة بشيء آخر فتركت‬              ‫هو أفضل وقت لتذهب في‬       ‫هذا ما حدث عندما كنت عا ِل‬
‫باب الحجرة مفتو ًحا‪ ،‬سمعها‬
                                 ‫جولات سياحية قبل أن يأتي‬          ‫صواريخ‪ ،‬لقد عملت بجد‬
    ‫تتحدث باللغة الإنجليزية‬                         ‫الشتاء»‪.‬‬      ‫نها ًرا‪ ،‬ولم أستطع التوقف‬
   ‫على الهاتف وصوتها أكثر‬                                          ‫عن التفكير في عملي لي ًل‪،‬‬
   ‫حدة من ذي قبل‪ ،‬تتحدث‬            ‫‪« -‬هل أسعارهم باهظة؟»‪.‬‬         ‫كل شيء كان سر ًّيا لذا لم‬
  ‫سري ًعا‪ ،‬وتضحك أحيا ًنا‪ ،‬لا‬     ‫‪« -‬سأدفع يا بابا‪ ،‬أليس هذا‬     ‫أستطع التحدث مع عائلتي‬
  ‫يفهم كلماتها ولكنه لا يفهم‬                                     ‫عن عملي‪ ،‬ولا ما كنت أفكر‬
 ‫أسلوبها أكثر‪ ،‬صوتها الحاد‬           ‫ما أردته لعيد ميلادك؟»‪.‬‬   ‫فيه‪ ،‬ولكن الزوجة كانت أكثر‬
‫للغاية والعالي ج ًّدا‪ ،‬والفاحش‬     ‫هي ابنته في النهاية وتتذكر‬   ‫امرأة متفهمة في العالم‪ ،‬فقد‬
   ‫ج ًّدا ج ًّدا كريه على مسمعه‬    ‫رغبته وتقدرها‪ ،‬ولكن ما لا‬       ‫علمت أنني كنت مشغو ًل‬
 ‫ج ًّدا لدرجة أنه للحظة يشعر‬       ‫تعيه أن أمريكا التي يريدها‬  ‫بعملي فلم تقطع افكاري‪ ،‬ولم‬
                                   ‫هي الدولة التي تعيش فيها‬     ‫تترك ابنتي تفعل ذلك‪ ،‬أعلم‬
      ‫كأنه ألقي نظرة خاطفة‬       ‫ابنته متزوجة وسعيدة‪ ،‬يضع‬        ‫الآن أن هذا المناخ لم يكون‬
   ‫من غير قصد على جسدها‬            ‫خضروات وسمك في طبقه‬            ‫صحيًّا لابنتي‪ ،‬كان واجبًا‬
   ‫العاري‪ ،‬يشعر أنها غريبة‬          ‫ويقول لها بصوت لطيف‪:‬‬         ‫عليَّ أن أترك نفسي العاملة‬
‫عنه تما ًما‪ ،‬وليست ابنته التي‬    ‫«ينبغي عليك أن تأكلي أكثر»‪.‬‬   ‫في المكتب‪ ،‬كنت حينها صغي ًرا‬
                                 ‫فترد عليه‪« :‬سأتصل بهم غ ًدا‬    ‫ج ًّدا فلم أفهم ذلك‪ ،‬أما الآن‪،‬‬
                    ‫يعرفها‪.‬‬       ‫لأحجز الجولات السياحية»‪.‬‬         ‫فابنتي لا يوجد لديها أي‬
    ‫يحملق فيها‪ ،‬وهي تخرج‬         ‫‪« -‬أنت تعرفين أن البقاء هنا‬
  ‫من حجرتها وتعيد سماعة‬                                                   ‫شيء لتقوله لي»‪.‬‬
  ‫الهاتف وتجلس على المائدة‬           ‫ربما يساعدني أكثر‪ ،‬فأنا‬    ‫لقد كانت خطيئته ح ًّقا‪ ،‬فهو‬
                                    ‫عجوز الآن ولم أعد أصلح‬       ‫لم يرسخ عادة الحديث مع‬
      ‫بدون أن تتكلم‪ ،‬يشاهد‬
     ‫وجهها للحظة ويسألها‪:‬‬                           ‫للسفر»‪.‬‬         ‫ابنته‪ ،‬ولكن حينها ‪-‬كما‬
   ‫‪« -‬من كان على الهاتف؟»‪.‬‬           ‫‪« -‬ولكن‪ ،‬لا يوجد الكثير‬   ‫يدافع السيد شي عن نفسه‪-‬‬

               ‫‪« -‬صديق»‪.‬‬                      ‫لتشاهده هنا»‪.‬‬       ‫‪ ،‬في وقته‪ ،‬رجل مثله بين‬
         ‫‪« -‬ذكر أم أنثى؟»‪.‬‬        ‫‪« -‬ولم لا؟ هذه أمريكا التي‬     ‫القلائل الذين تم اختيارهم‬
                                 ‫أردت رؤيتها‪ ،‬لا تقلقي‪ ،‬فلدي‬   ‫لهدف نبيل كهذا كان عليه أن‬
                  ‫‪« -‬ذكر»‪.‬‬        ‫أصدقائي هنا ولن أسبب لك‬      ‫يتحمل مسؤوليات تجاه عمله‬
   ‫ينتظر أن تعطيه المزيد من‬                                      ‫أكثر من عائلته‪ ،‬كان جدي ًرا‬
                                         ‫الكثير من الإزعاج»‪.‬‬      ‫بالاحترام وحزينًا‪ ،‬إلا أنه‬
     ‫الشرح ولكن لا يبدو أن‬            ‫يرن الهاتف قبل أن ترد‬      ‫كان جدي ًرا بالاحترام أكثر‬
            ‫لديها هذه النية‪.‬‬         ‫ابنته عليه‪ ،‬فترفع سماعة‬
                                  ‫الهاتف وتلقائيًّا تدخل غرفة‬              ‫من كونه حزينًا‪.‬‬
 ‫‪« -‬هل هذا الرجل مفضل؟»‪.‬‬           ‫نومها وينتظر خبطة الباب‬        ‫في ذلك المساء على منضدة‬
      ‫‪« -‬مفضل؟ بالتأكيد»‪.‬‬          ‫فهي لا تتحدث أمامه حتى‬      ‫العشاء‪ ،‬أخبرته ابنته أنها قد‬
          ‫‪« -‬الى أي مدى؟»‪.‬‬         ‫مع الغرباء الذين يحاولون‬       ‫عثرت على وكالة سفريات‬
                                      ‫أن يبيعوا لها شيئًا عبر‬    ‫ناطقة باللغة الصينية تنظم‬
  ‫‪« -‬بابا‪ ،‬ربما سيجعلك ذلك‬            ‫الهاتف في بعض الليالي‪،‬‬
    ‫أقل قل ًقا بشأني‪ ،‬نعم هو‬        ‫عندما تحدثت لفترة أطول‬         ‫جولات سياحية لكل من‬
                                  ‫وبصوت خافت كان عليه أن‬         ‫الساحل الشرقي والغربي‪.‬‬
‫مفضل ج ًّدا بالنسبة لي وأكثر‬     ‫يجاهد نفسه لكيلا يضع أذنه‬
‫من مجرد صديق‪ ،‬إنه حبيب‪،‬‬
 ‫هل تشعر بحالة أفضل الآن‬
‫بعدما عرفت أن حياتي ليست‬
   128   129   130   131   132   133   134   135   136   137   138