Page 138 - ميريت الثقافية- العدد (29) مايو 2021
P. 138
العـدد 29 136
مايو ٢٠٢1 د.أحمد يوسف علي
وتحولات المنتجين ،سمة استعارة التمرد عنوان استعارة التمرد
الرسوخ وقسوة التقاليد
هذه المقالة عنوان مقصود
وعنفها. وله دواعيه .والشاعر الذي
لذلك حين قرأت «يملأ فمي أكتب عنه هو موضوع هذه
بالكرز» لفتحي عبد الله الاستعارة ،بل هو طرف
سألت نفسي ،وفي الحقيقة، رئيس فيها إن لم يكن هو
كنت أسأل الشاعر لو أنه وحده محورها .أما عن
يجيب ،من أين أتى بالكرز الشاعر فهو فتحي عبد الله
وهو نبات بذري من جنس ( )2021 -1957أحد أبناء
الخوخ ،غريب عن القرية
المصرية التي وظفت الأرض القرية المصرية العريقة
في القدم ،الأصيلة في أسر
لإشباع الإنسان والطير التقاليد ومتانة أسوارها.
والحيوان ،وفائض الثروة. للقرية المصرية نسب وطيد
نبات لا نزرعه ولا ننتجه بالطين الذي ينبت بالدهن
ولا يألفه المذاق المصري كما وصبغ للآكلين ،كما ينبت
يألف البرتقال ،مع أنه مثل
الكرز حمضي؟ وما مغزى أن بالقمح والحصيد ،وعلى
نملأ الفم بالكرز وهو نبات مراعيها ،يحيا الحيوان
منه ما هو حمضي ،وما هو
سكري ،فكيف يجتمع المذاقان ويفيض بلبن سائغ
المتقابلان في فم واحد إلا على للشاربين ،ولحم وصوف.
سبيل التقابل المؤلم في الواقع والعلاقة بين القرية والطين
الاجتماعي بين الأضداد؛ بين علاقة وجود لا فكاك منها
العدل والظلم والحق والباطل
والأبيض والأسود والظلام إلى أبد الآبدين .في هذه
والنور ،وبين مشاعر الفرح القرية تفتح وعي فتحي عبد
والحزن ،والرضا والغضب،
والحب والكره ،والوصال الله ،كما تفتح وعي محمد
والفراق ،واللقاء والوداع، عفيفي مطر ،وفوزي العنتيل
والتناقض العاطفي ،وعلى
مستوى الوعي الكوني بين ومحمود حسن إسماعيل،
الثقافات وما تنطوي عليه من والأبنودي وسيد حجاب،
رموز وقيم وعقائد وفنون وأمل دنقل ويحيي الطاهر
وأفكار تختلف قيمتها حسب عبد الله وغيرهم من وجوه
وجودها على سلم الأولويات؟ المبدعين في مصر .وتفتح
ومن يملأ الفم بالكرز؟ الوعي معناه إدراك كنه
ذلك الفاعل الغائب في بنيان الكائنات المحيطة بالمدرك،
الجملة «يملأ فمي» الحاضر وإدراك صيرورتها وتبدلات
الأشكال والصور والعلاقات
بكل جبروته في الوعي الجامعة بينها .وكل ذلك في
ضوء العلاقات الاجتماعية
السائدة وهي علاقات الإنتاج
الزراعي .وتتخذ العلاقات
الاجتماعية من ثبات الأرض