Page 142 - ميريت الثقافية- العدد (29) مايو 2021
P. 142
العـدد 29 140
مايو ٢٠٢1 حدود التجاوز والارتحال
نحو أفق الحرية البعيد،
ظهور جماعة الجيل المهزوم في أمريكا نهاية الأربعيني بين هذه الأقنعة الأربعة التي
استعارها فتحي عبد الله فرناندو بيسوا ( 13يونيو
وقد تأنس لضحكاتي على وجعلها منارات هادية إلى 30 –1988نوفمبر 1935م)
المقهى
رؤيته الشعرية ،وإلى مفهوم شاعر وكاتب وناقد أدبي
أو تذهب وحدها إلى صوامع الشعر عنده ،وإلى طبيعة ومترجم ومعدود من فلاسفة
الشعير
النص الشعري الذي قرأناه البرتغال .ارتحل صغي ًرا إلى
وقد تسبق الطيور له في «يملأ فمي بالكرز». جنوب أفريقيا بعد موت أبيه
إلى الفراش تحت الشجرة
فمن يا ترى يضع ذراعها فالناس والطبيعة والكائنات وزواج أمه ،ولكنه استقر
الحية أو الجامدة ليست به المقام في بلده فتخرج في
على أول الوسادة عوالم منعزلة وليس لها
فهي ليست وحدها ،معها حدود فاصلة تميز كل جامعة لشبونة .وغير أنه
الطيور ومعها من يشاركها عالم عن الآخر لأنها حية برع في فن الشعر ،فقد اتجه
فعل الانتقال وما يصدر ومتفاعلة عبر قنوات فرناندو إلى اختراع الأقنعة
عنه من أصوات «خشخشة الأدبية التي يبث عبرها فكره
وضحكات» ومنامها تحت التواصل المرئية وغير المرئية. وآراءه في السياسة والدين
فهي ليس لها وقع أقدام والفلسفة والفن والاجتماع.
الشجرة التي تشاركها على السلم ولا تدب د ًّبا وسمى هذه الأقنعة «الأبدال
الوجود والصحبة.
ولكن لها «خشخشة» أقدام. الأدبية» التي بلغت ثمانين
إن العالم كما يدركه عالم في والخشخشة ليست حركة شخصية اخترعها وأعطاها
صيغته الأولى الإنسان فيه وليست أمارة على الحركة
كائن طبيعي مثل غيره من ولكنها محاكاة لصوت له أسماء ،وحدد لكل بدل
الكائنات ،يعيش كما يعيش صفة التكرار والتردد أو سماته الشخصية .ومن
ويألم كما يألم ويفرح كما الترجيع .فالخشخشة على أشهر أبداله ،البرتو كاييرو،
وزن فعللة أي تكرار مقطع ريكاردو رييس ،وألفاردو
تفرح الطيور والأشجار صوتي مرتين مثل «كب»
حينما يتحول إلى «كبكبة» دي كامبوس.
ومثل «بص» حينما يتحول وفرناندو شخصية قلقة كما
إلى «بصبصة» وهي تكرار
البص وتكرار الكب وهكذا. تدل عليه كتبه مثل كتابه
«اللا طمأنينة» و»لست ذا
وهي في نص «إيقاع خفيف» شأن» ،والقلق سمة مشتركة
ليس لها اسم نعرفه ولا
وصف يميزها من غيرها جاك كيرواك
من الكائنات التي تحيط بها
والراوي الذي يحكي هو
وحده الذي يعرفها ويعرف
ما حولها:
أسمع خشخشة أقدامها على
السلم
وشهقاتها المقطوعة
لا بد أنها تغادر