Page 146 - ميريت الثقافية- العدد (29) مايو 2021
P. 146
العـدد 29 144
مايو ٢٠٢1 الطاولة مستئنسة بأوراق
العشب ،وهو الحميمي
توظيف الجنسي في طوره وفضحه إلى أقصى حد،
الطبيعي المألوف في العموم، يقول في نص :عاصفة على عندما كشف عن (حشائش)
صدرها ،وهي إشارة مواربة
وإنما كثي ًرا ما يوظفه باب (إيمي):
الشاعر في سياق نأنفه لو كان الأمر بيدي تنتقل به من الحميمي
أحيا ًنا ،ربما لاعتيادنا على لأخذت حبيبتي إلى مطعم الهامس إلى الن ِهم الصاخب
أدبيات (المؤسسة) بقائمتها عبر التخييل ،هذا ما قصدت
الأخلاقية المراوغة ،لننظر: مهجور
وصلتها رسال ٌة من (كفافي( وقرأت لها تعويذة به درامية النص بتجاور
يشكو من الشموع التي تؤل ُم الأضداد ،وعبر شحنات
من بلاد الثلج الإشارات الثقافية ذات
أصاب َعه حتى أرى صدرها المليء الإشعاعات المتجانسة أحيا ًنا،
أو من الفتى الذي أخذه إلى والمختلفة حد التباين أحيا ًنا
بالورود
عربة قطا ٍر قديمة وقد تعطيني جمجمة وبعض أخرى.
وجرحه في ظهره في مواضع أخرى تأتي
وينتظر المم ّرض الأخرس عظام الإشارة بشحنتها الإيحائية
ليض َع له زهرة عباد الشمس أفرح بها إذا جاء النوم على المتواضع عليها والأقرب إلى
أو يحض َنه في السرير العالي ذاكرة المتلقي ،عندئذ تختفي
فلم تملك دموعها في تلك غفلة الدلالات المجازية المواربة،
أو أضعها على سريري أثناء ويكون لتكريس الواقع
اللحظة. الأولوية ،كما نرى في إشارة
إنه يحب الخوات َم الصغيرة.. المطر الحشائش هنا ومن دون
وقد تقبض على رأسي
(السابق)11 / تعليق مني:
تمثل العبارات المخطوط بين فخذيها يذكر لها
أسفلها هذا النوع الآخر من وأنا أصرخ علي الطيور
توظيف (الجنسي) ،وجاءت أنهم هربوا إلى الأدغال
التي تأتي وتعود بلا ذخيرة أو طعام
حتى تترك ساقيها المليئتين
على ظهري( ..السابق)13 / يأكلون الحشائش والجراد..
في المقطع السابق سنلاحظ (السابق)78 /
أن (الجنسي) لا يأتي بمعزل
عن الإشارات الثقافية الموحية ()2
بطبيعتها (تعويذة /الثلج/
يع َّول فتحي عبد الله كثي ًرا
المطر /الطيور) ،هذا أو ًل، على الإيحاء بـ(الجنسي) في
ولا يأتي ساف ًرا مباش ًرا
لأسباب يمكن تفهمها، مروقه إلى الخلاص داخل
ولا يأتي خال ًصا من أجل النص ،وهي ظاهرة شعرية
جديرة وحدها بالبحث منذ
الإثارة الغريزية ،بل يأتي
جز ًءا أصي ًل من لحمة النص ديوانه الأول وحتى هذا
الأخير ،نظ ًرا لكثافتها ،وكأنه
الشعري ومد الرؤية فيه، في سعيه إلى الأبيض الناصع
فلو أعدنا قراءة المقطع مرة يسعى أكثر إلى تبديد المغاير
ثانية؛ فلن نجد (الجنسي)
إلا خلا ًصا من أزمة قائمة
(قد تعطيني جمجمة وبعض
عظام /أفرح بها إذا جاء
النوم على غفلة) ،ولا يقتصر