Page 147 - ميريت الثقافية- العدد (29) مايو 2021
P. 147

‫‪145‬‬  ‫الملف الثقـافي‬

     ‫هنا بإشارتين فقط‪ ،‬هما‬        ‫وعكازه المكسور)‪ ،‬وعلى‬         ‫كغيرها مصحوبة بعدد من‬
       ‫(جينسبيرج‪ /‬إيمي)‪،‬‬       ‫الرغم من توفيق الشاعر في‬         ‫الإشارات الدالة في سياقها‪،‬‬
                               ‫انتقاء الأعلام الشعرية التي‬
     ‫تكرر ذكر (جينسبيرج)‬        ‫تناص معها أو استضافها؛‬             ‫(كفافي) بشهرته العالمية‬
   ‫في الديوان ست مرات على‬                                        ‫وخصوصيته المصرية هو‬
                                 ‫فهو دائ ًما ما يحرص على‬         ‫مدار الحديث هنا‪ ،‬فمجرد‬
      ‫مدار خمسين صفحة‪،‬‬          ‫إبراز هذا (الجنسي) الآخر‬       ‫ذكره يستحضر فتنة الشعر‬
 ‫وتكررت (إيمي) تسع مرات‬         ‫في سياقهم‪ ،‬وهو ما يتطلب‬
                                 ‫حديثًا موس ًعا عن الدوافع‬         ‫العالي والمكانة المرموقة‪،‬‬
    ‫على مدار اثنتين وسبعين‬                                     ‫وامتداد هذا الذكر في سياق‬
 ‫صفحة‪ ،‬وكلا التكرارين من‬           ‫والغايات والعلاقة بأفق‬      ‫(الجنسي) المخالف هو نقطة‬
   ‫التكرار المحض‪ ،‬أي «إعادة‬    ‫التجربة المطروحة في النص‪،‬‬
  ‫أعيان الألفاظ» بعبارة سعد‬     ‫ولكن‪ ،‬وكما قلت قبل قليل‪،‬‬           ‫تقاطع تأخذ مسارها في‬
                                                                 ‫اعتماد فتحي عبد الله على‬
     ‫مصلوح(‪ ،)3‬أما الإشارة‬      ‫تلك ظاهرة شعرية جديرة‬
  ‫إليهما (جينسبيرج‪ /‬إيمي)‬         ‫بقراءة مستقلة في تجربة‬           ‫الأضداد‪ ،‬وتخليق دراما‬
  ‫ضمنًا‪ ،‬فكادت تغطي كامل‬                                       ‫جانبية في امتداد النص‪ ،‬ولو‬
                                           ‫فتحي عبد الله‪.‬‬     ‫استرسلنا؛ يمكننا قول الكثير‬
     ‫الديوان‪ ،‬فما الذي يعنيه‬
      ‫ذلك؟ يعني أن الشاعر‬              ‫(‪)3‬‬                         ‫وبكيفيات أخرى مع كل‬
                                                                ‫من (القطار‪ ،‬عباد الشمس‪،‬‬
 ‫مارس إلحا ًحا لا يتوقف على‬        ‫عندما تقرأ ديوان (يملأ‬      ‫الخواتم الصغيرة) بوصفها‬
 ‫تكريس مبادئ (جينسبيرج)‬          ‫فمي بالكرز) سيستوقفك‬         ‫إشارات مشعة أكثر منها دالة‬
                                 ‫(إن كانت قراءتك مترامية‬
    ‫في نزوعه الإنساني نحو‬       ‫الزوايا) ملمح رؤيوي قبل‬                     ‫دلالة محايدة‪.‬‬
   ‫الأفضل‪ ،‬غير غافل عما في‬    ‫أن يكون فنيًّا‪ ،‬أراه على درجة‬         ‫سنجد الأمر نفسه مع‬
   ‫سيرة الرجل من شطحات‬        ‫من الأهمية‪ ،‬يمكن أن يلخصه‬         ‫نصوص أخرى في الديوان‪،‬‬
‫أجاد توظيفها عبر (الجنسي)‬        ‫السؤال المركب الآتي‪ :‬هل‬        ‫من مثل (زبدة بيضاء) مع‬
    ‫في بعده الدرامي المأزوم‪،‬‬  ‫كتب فتحي عبد الله نصو ًصا‬        ‫جينسبيرج‪ ،‬ونص (فرناندو‬
                                 ‫مستقلة لكل منها تجربته‬
     ‫الذي يجلب تعاط ًفا أكثر‬     ‫المكتملة المغلقة أم أنه كتب‬
   ‫مما يح ِدث إثارة‪ ،‬ويمكننا‬  ‫نصو ًصا بلا ضفاف‪ ،‬تكاملت‬
‫تأمل عدد من السياقات التي‬       ‫باكتمال الديوان مع النص‬

          ‫أفردها له الشاعر‪:‬‬        ‫الأخير؟ وما الفرق بين‬
           ‫‪ -1‬في زيارة (ألن‬    ‫التوجهين من ناحية المقدرة‬
 ‫جينسبيرج) الأولى لمن تبقوا‬     ‫الشعرية من جهة‪ ،‬واتساع‬
                              ‫الرؤية في التجربة من ناحية‬
                ‫من الطوفان‬
           ‫حملها بين يديه‪..‬‬                        ‫ثانية؟‬
 ‫ووضعها على الطاولة بجوار‬       ‫من جانبي أرى أن الشاعر‬
    ‫(أوراق العشب	) (زبدة‬
                                       ‫أراد الخيار الثاني‪،‬‬
                ‫بيضاء‪)5 /‬‬           ‫واستحضار الإشارات‬
‫‪ -2‬ساعي البريد لم يترك لها‬        ‫الثقافية مرة أخرى يدعم‬
                                ‫صحة هذا الزعم‪ ،‬سأكتفي‬
            ‫رسالة في المقهى‬
  ‫ولا حمل معطفها الذي بلله‬

                      ‫المطر‬
         ‫لكنه انتبه إلى صدر‬

               ‫(جينسبيرج)‬
   142   143   144   145   146   147   148   149   150   151   152