Page 148 - ميريت الثقافية- العدد (29) مايو 2021
P. 148

‫حالة (جينسبيرج) فإن‬        ‫تتجاور الإشارات المتجانسة لتفسح‬
      ‫الشاعر يستحضر عبر‬              ‫مجاًل أوسع لبقعة الضوء التي‬
     ‫تكراره عالمًا متوح ًشا لا‬      ‫أرادها فتحي عبد الله‪ ،‬فالعلاقة‬
      ‫قيم أو روح فيه‪ ،‬لذلك‬
    ‫كانت مناهضته المستمرة‬        ‫بين "والت ويتمان" صاحب الأوراق‬
    ‫لمقاومة هذا التوحش‪ ،‬أما‬              ‫وجينسبيرج علاقة تجانس‬
   ‫(إيمي) فقد جللها الشاعر‬
   ‫بما استطاع من قداسة في‬          ‫وتكامل في التراث الإنساني عبر‬
  ‫غالب المواضع التي تكررت‬             ‫الشعر‪ ،‬وإضافة أوراق العشب‪،‬‬
 ‫فيها‪ ،‬وقد حاولت الاستدلال‬
   ‫عليها في الواقع‪ ،‬من حيث‬          ‫ذلك الأثر الأدبي الوحيد والخالد‬
   ‫هي علم تحول إلى أيقونة‪،‬‬            ‫لويتمان؛ ضاعفت إضاءة بقعة‬
  ‫فلم يسعفني البحث بشيء‪،‬‬
‫لذا تصبح (إيمي) أيقونة من‬         ‫الضوء المنشودة في نص فتحي‪،‬‬
‫اختراع الشاعر يشير بها إلى‬             ‫كون الأوراق تنحاز للعاديين‬
  ‫معنى أحبه كثي ًرا‪ ،‬قد يكون‬              ‫والمهمشين في المجتمع‬
   ‫امرأة أو وطنًا مفقو ًدا غير‬
‫الذي يعاين فيه عوامل تحلله‬       ‫الذي مدحه (جينسبيرج) في‬          ‫وتمنى أن يقطف زهوره‬
 ‫أكثر من تماسكه وازدهاره‪.‬‬                     ‫بكائه المقطوع‬          ‫القانية (السابق‪)7 /‬‬
      ‫في تكرار (جينسبيرج)‬
  ‫و(إيمي) على رقعة الديوان‬      ‫على ثقب زاره الله‪( .‬طائر على‬      ‫‪ -3‬فمن سيملأ كفوفها‬
   ‫بهذا الشكل يجنح الشاعر‬                    ‫السرير‪)29 /‬‬                         ‫بالحناء‬
    ‫إلى كتابة النص‪ /‬الديوان‬
   ‫ذي القضية الواحدة‪ ،‬وما‬       ‫‪ -6‬بينما النادل يرفع ملابس‬       ‫ويصرخ على الطيور التي‬
   ‫التقسيمات الداخلية تحت‬              ‫داخلية لعارضة أزياء‬               ‫تأتي من النافذة‬
 ‫العناوين إلا ارتقاءات لرؤية‬           ‫تتناول الطعام وحدها‬
      ‫واحدة أخذت أشكالها‪.‬‬                                        ‫دون أن يحرق الحشائش‬
                                 ‫و(جينسبيرج) يتودد لها أن‬       ‫التي وضعها (جينسبيرج)‬
         ‫(‪)4‬‬                       ‫تعطيه فرصة‪( ..‬يملأ فمي‬      ‫عل سريره‪( ..‬السابق‪)7 /‬‬
                                              ‫بالكرز‪)45 /‬‬     ‫‪ -4‬السفينة التي قبضوا على‬
 ‫إن كان من أمر أخير في هذه‬               ‫أما الإشارة (إيمي)‬
‫القراءة فإن تجربة فتحي عبد‬        ‫فيمكن الاستدلال عليها في‬                       ‫قبطانها‬
                                   ‫الصفحات (‪/14 /10 /9‬‬           ‫إذ إنه بقبعة القماش هذه‬
   ‫الله تشير بوضوح إلى أن‬
 ‫الشعر قبل أن يكون تشكي ًل‬       ‫‪/58 /53 /45 /36 /35‬‬                    ‫والدلايات الكثيرة‬
                                ‫‪ ،)72 /68 /67‬ومرة ثانية؛‬       ‫قد أوصل نفسه إلى الرايات‬
      ‫مخصو ًصا للغة‪ ،‬يجهد‬
  ‫الشعراء أنفسهم في سبكه‪،‬‬            ‫ما الذي يعنيه كل ذلك؟‬                      ‫السوداء‬
‫فهو رؤية قبل كل شيء‪ ،‬ولا‬            ‫ذكرنا أن التكرار المحض‬          ‫أو الحشائش التي على‬
  ‫أقول رؤية موازية أو نابعة‬          ‫هو إعادة أعيان الألفاظ‪،‬‬         ‫مؤخرة (جينسبيرج)‬
‫من ذلك التشكيل المخصوص‪،‬‬            ‫ولا تكون الإعادة إلا لعلة‬    ‫دون أن ينظر إلى صندوق‬
                                     ‫تتصل بتكريس المفهوم‬            ‫(إيمي) (السابق‪)9 /‬‬
                                    ‫الرئيس الذي يعمل عليه‬         ‫‪ -5‬ويدعوه إلى الحجرة‬
                                    ‫الشاعر‪ ،‬ويمثل (قصده)‬
                                    ‫من النص‪ /‬الديوان‪ ،‬وفي‬                         ‫العالية‬
                                                                ‫فيرى خوذة مقلوبة يخرج‬

                                                                              ‫منها النور‬
   143   144   145   146   147   148   149   150   151   152   153