Page 154 - ميريت الثقافية- العدد (29) مايو 2021
P. 154
العـدد 29 152
مايو ٢٠٢1 الذاتي نفسه مختر ًقا من
الخارج أي أن الذاتية النقية
المهجور الذي دائ ًما ما تلوذ لأخذت حبيبتي في مطعم
الذات الشاعرة بالأماكن مهجور ليست نقية ،لأن الآخر
المهجورة الخاوية من الغريب قد دخل مسب ًقا
الزحام والنفوس المادية وقرأت لها تعويذة جوهر بنيتها ،وهذا ما
منتص ًرا للحياة المتقشفة من بلاد الثلج نراه في الفلسفة الوجودية،
التي يزهد فيها الإنسان، وفلسفة ما بعد البنيوية»(.)8
زاه ًدا في كل الأشياء التي حتى أرى صدرها المليء وتتجلى صورة الآخر في
تسلبه روحه النقية في بالورود «يملأ فمي بالكرز» بد ًءا
براءاتها الأولى ،كي تعيد من العنوان الكلي للديوان،
وقد تعطيني جمجمة فيطرح العنوان صورة
اكتشاف نفسها مرة أخرى. وبعض عظام
ويقول الشاعر في قصيدة الغائب /الفاعل الذي
بعنوان «يأتي لها طير أفرح بها إذا جاء النوم على يحاول الشاعر أن يستدعي
أسود»: غفلة
« أق ُف على بابها كل ليلة من خلاله صورة الكرز
والأزهار قريبة من يدي أو أضعها على سرير أثناء الأوروبي ،الذي يقطفه
وأسمع جيتا ًرا يعزف المطر الشاعر من حدائق التجريب
الهيبيون عليه، الشعري ،فالفعل يملأ
وقد أخذوا ملابسها وتقبض على رأسي»(.)9 يستدعي البطل الغائب الذي
وأعطوني قبعة ،كي أزور اتكأ الشاعر فتحي عبد يحاول الشاعر أن يستنطقه
الحانة الله في المقطع الشعري على داخل القصيدة ،كما تشير
استدعاء الآخر /الأنثى مفردة الكرز إلى المعنى
وأح ِّد ُث الأشباح عن أناملها (إيمي) التي يحاول الشاعر الرمزي للثقافة الأوروبية،
الصغيرة نسج علاقات فنية بين لينفتح الخطاب الشعري
صورة الأنثى داخل النص، عند عبد الله على الثقافات
تزور في الصباح رأسه حيث تضفي على النص المحيطة /أو ثقافة الآخر
المقطوع صبغة سردية واسعة، الأوروبي ،ليصبح النص
الشعري ،وكأنه حياة كاملة
وتبكي حامل الأختام الذي فيستمد من التعويذة يعيش في براحها المتلقي
نقل الجثة إلى القرن الثالث الشعبية طريقة للحكي، بأنواعه كافة ،فالكرز -في
متلم ًسا صورة الحياة ظني -هي تلك القصائد
عشر الشعبية ،فيقبض الشاعر التي يحملها الشاعر في فمه،
وتعطي له النذور في المقهى على رؤية جوهرية للحياة مناد ًيا على العابرين الذين
من خلال تفكيك مفرداتها يقطفون الكرز من فيه،
وتهرب في زحام مثل (مطعم مهجور -بلاد ليمنحهم أجمل ما يمتلك
الناس»(.)10 الثلج -جمجمة -عظام- من معنى وجوهر ،وتتجلى
النوم -تقبض -رأسي) صورة الآخر أي ًضا في قول
يدخل الشاعر إلى النص تتجلى روح العزلة التي الشاعر في قصيدة بعنوان
باستدعاء صورة الآخر تسيطر على رؤية الشاعر «عاصفة على باب (إيمي)»:
المشهدي الذي يتمثل في وذلك من خلال مفردات
المكان /الإنسان الغائب، مركزية تسهم في بناء «لو كان الأمر بيدي
حيث يقف الشاعر على تكويني للعالم الذي يبحث
باب الحياة ،فتتكون ملامح الشاعر عنه كي يقبض
النص من المعرفي والجمالي، فيه على روح الحياة .وقد
فينبثق من خلال اتحادهما تجلت صورة الآخر المكاني
حضور الذات الشاعرة التي من خلال استدعاء المطعم