Page 160 - ميريت الثقافية- العدد (29) مايو 2021
P. 160

‫العـدد ‪29‬‬         ‫‪158‬‬

                                                              ‫مايو ‪٢٠٢1‬‬   ‫خمسينيات القرن العشرين‪،‬‬
                                                                          ‫وكان الشاعر قد نشر نصه‬
  ‫يع ّرج الشاعر من رحلته‬          ‫أن النص هنا لا يعنيه‬
         ‫الأمريكية ليقول‪:‬‬    ‫السياق التاريخي والمرجعية‬                        ‫الصادم بعنوان « ُعواء»‬
                             ‫الخارجية؟ فهو سيترك ذلك‬                     ‫‪ HOWL‬فأخرج أحشاء نفسه‬
      ‫«لم يكمل أبي زيارة‬
                  ‫المتحف‬       ‫كله‪ ،‬أمريكا ورأسماليتها‪،‬‬                    ‫لكي يفضح أحشاء المجتمع‬
                                     ‫واليهود وحائطهم‪،‬‬                        ‫الرأسمالي‪ ،‬هل كانت هذه‬
     ‫ووضعني بين أوراق‬                        ‫ويواصل‪:‬‬                        ‫المشار إليها في نص فتحي‬
                  ‫البردي‬                                                    ‫عبد الله بقوله «حملها بين‬
                                ‫«رغم أنني أحب الأكتا َف‬                       ‫ذراعيه» هي أمريكا؟ قد‬
     ‫مع الصقور واللفائف‬                       ‫العريضة‬                       ‫يكون‪ ،‬لأن وضعها بجوار‬
                  ‫الن ّفاذة‬
                               ‫وأتبعها حتى في الكنائس‬                    ‫«أوراق العشب» ‪Leaves of‬‬
  ‫وأوصى بأن يأكل الطير‬            ‫ولا تخر ُج أنفاسي إلا‬                   ‫‪ Grass‬أمر طبيعي‪ ،‬فأوراق‬
               ‫من رأسي‬             ‫و ُس ّرتي على الفراش‬                    ‫العشب هو الديوان القومي‬
                                 ‫وأغنّي لها في صرا ٍخ لا‬
 ‫وأن أخوض إلى ُس ّرتي في‬                ‫يسمعه أحد»(‪.)8‬‬                      ‫للشعر الأمريكي الحديث‪،‬‬
                    ‫المياه‬        ‫الأكتاف العريضة هي‬                     ‫الذي ظل يكتبه والت ويتمان‬
                                                                         ‫منذ عام ‪ ١٨٥٥‬وحتى ‪١٨٩٢‬‬
       ‫ولا أرى حبيبي إلا‬        ‫أكتاف الرجال‪ ،‬وصراخ‬
  ‫بفانوسه الذي ورثه عن‬              ‫النشوة هو من فعل‬                            ‫قبل وفاته مباشرة(‪.)6‬‬
                                   ‫التلامس بين الجسد‬                        ‫لو قلنا إن الشاعر العربي‬
                     ‫أبيه‬                                                  ‫هو الراوي هنا‪ ،‬فإنه ينتقل‬
  ‫وهو يجري في الصحراء‬           ‫الذكوري والجسد المُ َذ ّكر‬                   ‫بين ضمائر‪ :‬المتكلم (أنا)‬
                              ‫الراغب والمطمئن إلى نشوة‬                       ‫والمخاطب (أن َت) وضمير‬
        ‫والنيران تأتي على‬
                ‫بيته»(‪.)10‬‬     ‫يح ّصلها في لذة‪ ،‬ثم يعلن‬                                ‫الغائب (هو)‪:‬‬
                              ‫عنها في القصيدة‪ ،‬كما فعل‬                      ‫«وربما صرفوا ل ِك الثما َر‬
‫إن المتحف وأوراق البردي‬      ‫ألن جينسبيرج في قصيدته‬
     ‫وصورة «الطير يأكل‬        ‫المذكورة إذ قال‪« :‬من دعوا‬                         ‫الناقص َة دون فتحات‬
    ‫من رأسي» والفانوس‬         ‫أنفسهم ُيلاط بهم من ِق َبل‬                         ‫وأعو ُذ من مؤخرتي‬
       ‫والصحراء‪ ،‬كلها في‬                                                          ‫بالأغصا ِن المقطوعة‬
     ‫معيّة الأب «إشارات»‬         ‫راكبي دراجات بخارية‬                          ‫فقد جاء ْت مع العاصفة‬
     ‫إلى البيت القديم وفيه‬    ‫ذوي قداسة وصرخوا من‬                              ‫وأذه ُب إلى جدا ٍر يبكي‬

 ‫التراث الفرعوني (المتحف‬                     ‫الفرح»(‪.)9‬‬                                ‫العابرون عليه‬
 ‫وأوراق البردي) والعربي‬         ‫في هذا النص الافتتاحي‬                     ‫يا َل ُه من أل ٍم يصيبهم جمي ًعا‬
‫الإسلامي (القرآن الكريم)‬        ‫الطويل لن يكون الحوار‬
 ‫والأدب الشعبي (ألف ليلة‬       ‫مع الشاعرين الأمريكيين‬                                ‫في لحظ ٍة واحدة‬
                             ‫ويتمان وجينسبيرج إلا من‬                            ‫وهم يرفعون قبّعاتهم‬
   ‫وليلة) ولكن هذا لم يبق‬    ‫زاوية الح ّسية المشار إليها‪،‬‬
                  ‫طوي ًل‪.‬‬      ‫والملامسة الجنسية المِ ْثلِية‬                          ‫السوداء لي»(‪.)7‬‬
                              ‫‪ Bisexuality‬فنجد ألفاظ‪:‬‬                       ‫هل لا بد أن يكون القارئ‬
‫فقد عاد الشاعر ك ّرة أخرى‬     ‫المؤخرة والصدر والسرير‬
  ‫إلى «مؤخرة» جينسبيرج‬         ‫والحرير والبطن وال ُّس ّرة‬                      ‫عار ًفا بألن جينسبيرج‬
     ‫والحانة والقبعة‪ ،‬لكنه‬    ‫والسروال‪ ،‬وتراكيب مثل‪:‬‬                           ‫وشعره‪ ،‬لكي يدرك أن‬
 ‫سيذكر «إيمي» وهو اسم‬        ‫زبدة بيضاء‪ ،‬لا ترد له ي ًدا‪.‬‬                     ‫السياق هنا يتحدث عن‬
      ‫سوف يتكرر في هذا‬           ‫ولكن في المقطع الثالث‪،‬‬                     ‫اليهود؟ وعن حائط المبكى‬
    ‫الديوان دون أن نتبين‬                                                     ‫في أورشليم (القدس) أم‬
     ‫تما ًما خصائص له أو‬
 ‫معالم‪ ،‬ثم ينتقل إلى المقطع‬
    ‫الرابع وفيه نصبح في‬
   155   156   157   158   159   160   161   162   163   164   165