Page 161 - ميريت الثقافية- العدد (29) مايو 2021
P. 161

‫‪159‬‬  ‫الملف الثقـافي‬

                ‫المتش ّظي‪،‬‬    ‫بي ّسوا» فله قصيدة مستقلة‬                  ‫إسكندرية «كفافي»‪:‬‬
    ‫اللُّوطي الكبير‪ ،‬المحنّك‬    ‫بعنوان «فيرناندو بع ّكازه‬           ‫«لم يجدها في الحانة يوم‬
                                ‫المكسور» وهي تبدأ هكذا‪:‬‬
       ‫بتنوع الأشياء»(‪.)14‬‬      ‫لو كان «فيرناندو بي ّسوا»‬                            ‫الأحد‬
     ‫لقد وضح لنا الآن أن‬                          ‫مغنيًا‬          ‫فخلع نظارته وأخذ يضحك‬
     ‫المحاورة بين الشاعر‬                ‫على مسرح قديم‬
  ‫فتحي عبد الله والشعراء‬        ‫وخلع ملابسه قطعة وراء‬                             ‫مع النّادل‬
   ‫الأربعة‪ ،‬كانت محاورة‬                           ‫أخرى‬           ‫ربما تسافر إلى الإسكندرية‬
 ‫لجانب واحد من شعرهم‬
  ‫وشخصياتهم‪ ،‬هو جانب‬          ‫لانتظره المهاجرون على أول‬                                ‫غ ًدا‬
                                                ‫الشارع‬           ‫وصل ْتها رسال ٌة من (كفافي)‬
       ‫اللذة الحسية المثلية‬                                     ‫يشكو من الشموع التي تؤلم‬
 ‫وحدها؛ لأن «ويتمان» هو‬        ‫وأخذوه إلى حانة مهجورة‬
 ‫الشاعر القومي الأمريكي‪،‬‬        ‫ووضعوه على سرير»(‪.)12‬‬                              ‫أصابعه‬
                                                                  ‫أو من الفتى الذي أخذه إلى‬
     ‫الكوني النزعة المحب‬             ‫تبدو صورة الشاعر‬
‫للإنسان‪ ،‬المستنكر للتفرقة‬          ‫البرتغالي وهو يعرض‬                      ‫عربة قطار قديمة‬
                                 ‫جسده‪ ،‬في صورة رقص‬                     ‫وجر َحه في ظهره»(‪.)11‬‬
     ‫العنصرية والعبودية‪،‬‬           ‫فضائحي «استربتيز»‬               ‫سيلجأ الشاعر إلى السرد‬
  ‫وحتى حسيته لها جانب‬              ‫‪ ،Striptease‬ثم وهو‬             ‫التقليدي في نهاية القصيدة‬
 ‫آخر هو اهتمامه بالأشياء‬       ‫يمارس التلامس الجسدي‬                 ‫فيخبرنا أن الفتى المختار‬
                               ‫المِ ْث ِل‪ ،‬وبذلك يجمع الشاعر‬     ‫الذي يتبع كفافي إلى البيت لا‬
     ‫وبالآلات‪ .‬أما «كفافي»‬        ‫العربي‪ ،‬فتحي عبد الله‪،‬‬        ‫في عربة القطار‪ ،‬سوف يرتاح‬
 ‫فشعريته إنسانية لها بعد‬       ‫شعراءه الأربعة الأوربيين‬           ‫تما ًما حيث يحيط به الغذاء‬
‫صوفي‪ ،‬وأما «جينسبيرج»‬            ‫على مائدة الل َّذة الح ّسيّة‪،‬‬    ‫والماء وفاكهة الكرز وت ُح ّفه‬
                                  ‫وقد احتذى ثلاثة منهم‬          ‫الفراشات‪ ،‬ولا بأس أن يبلغه‬
          ‫فقد أه ّمه فضح‬             ‫حذو «ويتمان» الذي‬           ‫في النهاية مقولة جامعة «أنا‬
‫الديمقراطية الأمريكية التي‬        ‫يخاطبه «بيسوا» قائ ًل‪:‬‬          ‫أحبك في الصباح والمساء»‪.‬‬
‫غالبتها الرأسمالية فغلبتها‪،‬‬   ‫«أنا من خا ّصتك أنت تعرف‬
                                                                        ‫***‬
  ‫وأما «بيسوا» فهو شاعر‬                 ‫ذلك جي ًدا‪ ،‬أفهمك‬
‫البرتغال الأكبر‪ ،‬الذي ترك‬      ‫وأحبك وإن كنت لم أعرفك‬             ‫أما الشاعر الرابع «فرناندو‬
 ‫بصمة على الأدب العالمي‪.‬‬
                                        ‫بولادتي في نفس‬
       ‫***‬                        ‫العام الذي ُم َّت فيه»(‪.)13‬‬
                                ‫حقا لقد وجد «بيسوا» في‬
‫لقد استطاع الشعر العربي‬        ‫ويتمان أستا ًذا له‪ ،‬فخاطبه‬
    ‫في مطلع القرن الواحد‬         ‫في هذه القصيدة بعنوان‬
    ‫والعشرين أن يتجاوز‬           ‫«تحية إلى والت ويتمان»‬
                              ‫وقد دعاه «أخي في الكونية»‬
  ‫الغنائية التي ميّزت شعر‬     ‫ووصفه بـ»الحداثي الخالد»‬
 ‫السبعينيات‪ ،‬لكن السؤال‬          ‫لكنه أي ًضا خاطبه قائ ًل‪:‬‬
  ‫هو‪ :‬هل تع ّسف الشعراء‬       ‫يا ُمغنّي الم ْط َلقات الملموسة‪،‬‬
  ‫وهم يرفضون كل مظهر‬          ‫أيتها المحظيّة المتوثبة للكون‬

      ‫من مظاهر الغنائية؟‬
     ‫ذلك المسلك الذي دفع‬
  ‫الشاعر أحمد عبد المعطي‬
‫حجازي أن يتهم قصيدتهم‬
   156   157   158   159   160   161   162   163   164   165   166