Page 166 - ميريت الثقافية- العدد (29) مايو 2021
P. 166

‫العـدد ‪29‬‬         ‫‪164‬‬

                                                                ‫مايو ‪٢٠٢1‬‬   ‫المتكلم من المقابر إلى الشوارع‪،‬‬
                                                                            ‫والمقهى‪ ،‬والقطار‪ ،‬بينما تتشكل‬
             ‫بالكرز؛ يقول‪:‬‬         ‫يبدأ في العمل‪ ،‬والتطور بأن‬              ‫‪-‬في تلك الفضاءات‪ -‬شخصيات‬
‫«وهرب من عربات القطار إلى‬          ‫ينتج أث ًرا؛ وبما أن انفصال‬              ‫أخرى هامشية كثيفة لها علاقة‬
                                 ‫الضدين (المؤتلف‪ ،‬والمختلف)‬                ‫بتاريخ الفن‪ ،‬أو بالرؤى الحلمية‬
                 ‫حقل أمه‬        ‫غير ممكن في عملية الجمع التي‬                 ‫الكابوسية المؤجلة التي تطارد‬
 ‫وتسمع صياحه إذا وقع أمام‬         ‫يقوم بها الخطاب‪ ،‬فالضدان‬                   ‫الذات‪ ،‬وتحاورها عبر تكوينها‬
                                    ‫يتشكلان في مؤتلف يكون‬
                   ‫المقابر‬                                                      ‫الطيفي الذي يكتسب قوته‬
       ‫وتلفه بالكتان الأصفر‬                ‫محتم ًل دائ ًما(‪.)1‬‬               ‫فقط من داخل تداعيات السرد‬
     ‫وتغمض عينيها لأشباح‬               ‫تقوم كريستيفا ‪-‬إ ًذا‪-‬‬
                                   ‫بتوصيف المحتمل من داخل‬                                     ‫الشعري‪.‬‬
             ‫يدقون الطبول‬           ‫عملية الجمع بين الوحدات‬                   ‫ويعاين قارئ فتحي عبد الله‬
‫وينادون على رأسه في الصباح‬            ‫الدلالية الكبرى في بنية‬                  ‫كثرة الإحالة إلى المحتملات‬
‫وقد تخلع حذاءها أثناء ذهابه‬     ‫القصيدة‪ ،‬وفي علامات الخطاب‬
                                  ‫الشعري‪ ،‬كما تلفت النظر إلى‬                     ‫الدلالية وفق تعبير جوليا‬
                 ‫إلى المقهى‬       ‫فاعلية ذلك المحتمل في البنية‬             ‫كريستيفا؛ فالذات المتكلمة تحيلنا‬
          ‫وتردد على النادل‬           ‫النصية؛ وهو ما سنجده‬
       ‫أن له جيتا ًرا يتبعه في‬  ‫متضمنًا فيما وراء بنية الدوال‬                ‫إلى أطياف تدق الطبول‪ ،‬أو إلى‬
                                  ‫عند فتحي عبد الله في ديوانه‬                  ‫جيتار يسير خلف الشخص‬
            ‫الشوارع»(‪.)2‬‬          ‫يملأ فمي بالكرز؛ فثمة دوال‬
      ‫للأنثى في النص هوية‬          ‫تجمع بين الفاعلية‪ ،‬والحياة‬               ‫الذي يبدو مثل ذات‪ ،‬وموضوع‬
 ‫تمثيلية؛ فهي تتجلى كمحتمل‬            ‫الطارئة المجازية في بنية‬                 ‫في آن؛ ومن ثم تكتسب هذه‬
 ‫أي ًضا حين تجمع بين تجليها‬      ‫القصيدة‪ ،‬أو بين الواقع الذي‬
   ‫الجزئي كموضوع‪ /‬يد أو‬             ‫يخبر عنه الصوت المتكلم‪،‬‬                ‫العلامات فاعلية حين يسند إليها‬
 ‫كذات فاعلة ضمن بنية حدث‬           ‫وما وراء الواقع في آن؛ مثل‬              ‫الفعل‪ ،‬والحياة‪ ،‬بينما هي قد أتت‬
    ‫حلمي افتراضي‪ ،‬وتتجلى‬          ‫شخصيات ضاربي الطبول‪،‬‬
  ‫شخصيات ضاربي الطبول‬             ‫والجيتار‪ ،‬والصورة الأخرى‬                    ‫إلى النص من الماضي‪ ،‬أو من‬
 ‫من عوالم ما وراء الواقع‪ ،‬أو‬        ‫للأم في قصيدة يملأ فمي‬                  ‫أخيلة اللاوعي‪ ،‬وأخيلة اليقظة؛‬
  ‫من أخيلة اللاوعي الجمعي‪،‬‬                                                   ‫فهي تجمع بين ضدي الحياة‪،‬‬
      ‫وتاريخ الفن في المشهد‬                                                  ‫والوجود الحلمي أو التشبيهي‬
   ‫بينما يمنح النص مثل هذه‬
‫الشخصيات حوارية مع الأم‪،‬‬                                                         ‫الذي يحيلنا إلى حالة من‬
                                                                           ‫الاختفاء المحتمل أي ًضا في المشهد‬

                                                                                    ‫الشعري‪ /‬القصصي‪.‬‬
                                                                                            ‫ترى جوليا‬

                                                                                         ‫كريستيفا ‪-‬في‬
                                                                                             ‫كتابها علم‬
                                                                                            ‫النص‪ -‬أن‬

                                                                                          ‫الحركة الأكثر‬
                                                                                        ‫جذرية للمحتمل‬

                                                                                           ‫الدلالي تكمن‬
                                                                                          ‫في الجمع بين‬

                                                                                             ‫سيميات‪/‬‬
                                                                                               ‫وحدات‬

                                                                                          ‫دلالية كبرى‪،‬‬
                                                                                        ‫متعارضة؛ وهو‬
   161   162   163   164   165   166   167   168   169   170   171